إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها

          2892- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ) بضمِّ الميم وكسر النُّون، المروزيُّ أنَّه (سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ) بفتح النُّون وسكون الضَّاد المعجمة، هاشم بن القاسم التَّميميَّ أو اللَّيثيَّ الكنانيَّ البغداديَّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ) مولى ابن عمر (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) سلمة بن دينارٍ، الأعرجِ المدنيِّ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ☺ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: رِبَاطُ يَوْمٍ) أي: ثواب رباط يومٍ (فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ) النَّعيم الكائن في (الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا) كلِّه لو ملكه إنسانٌ وتنعَّم به؛ لأنَّه نعيمٌ زائلٌ بخلاف نعيم الآخرة فإنَّه باقٍ، وعبَّر بـ «عليها» دون «فيها» لِمَا فيه من الاستعلاء، وهو أعمُّ من الظَّرفيَّة وأقوى، وفيه دليلٌ على أنَّ الرِّباط يصدق بيومٍ واحدٍ، وكثيرًا ما يضاف السَّبيل إلى الله، والمراد به كلُّ عملٍ خالصٍ يُتقرَّب به إلى الله تعالى كأداء الفرائض والنَّوافل، لكنَّه غلب إطلاقه على الجهاد، حتَّى صار حقيقةً شرعيَّةً فيه في مواضع (وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا(1)) عبَّر / بالسَّوط دون سائر ما يُقَاتَل به؛ لأنَّه الَّذي يسوق به الفرس للزَّحف، فهو أقلُّ آلات الجهاد، ومع كونه تافهًا في الدُّنيا فمحلُّه في الجنَّة أو ثواب العمل به (وَالرَّوْحَةُ) بفتح الرَّاء، المرة الواحدة من الرَّواح، وهو السَّير فيما بين الزَّوال إلى اللَّيل (يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ الغَدْوَةُ) بفتح الغين المعجمة، المرَّة من الغدوِّ، وهو السَّير من أوَّل النَّهار إلى الزَّوال (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا) و«أو» هنا للتَّقسيم لا للشَّكِّ، وهذا شاملٌ لقليل السَّير وكثيره في الطَّريق إلى الغزو أو في موضع القتال.
          وهذا الحديث أخرجه التِّرمذيُّ.


[1] في (د): «فيها».