إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث البراء: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

          2874- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) العَنَزِيُّ الزَّمِنُ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) القطَّانُ (عَنْ سُفْيَانَ) الثَّوريِّ أنَّه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو إِسْحَاقَ) عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ (عَنِ البَرَاءِ) بن عازبٍ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ لَهُ رَجُلٌ) من قيسٍ: (يَا أَبَا عُمَارَةَ، وَلَّيْتُمْ) وفي «باب مَن قاد دابَّة غيره» [خ¦2864] أفررتم (يَوْمَ) وقعة (حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ مَا وَلَّى النَّبِيُّ صلعم ) قال النَّوويُّ: هذا الجواب من بديع الأدب؛ لأنَّ تقدير الكلام: أفررتم كلُّكم / فيدخل فيه النَّبيُّ صلعم ، فقال البراء: لا والله ما فرَّ النَّبيُّ(1) صلعم ، ويحتمل أنَّ السَّائل أخذ التَّعميم من قوله تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}[التوبة:25] فبيَّن له البراء أنَّه من العموم الَّذي أُريدَ به الخصوص، ثمَّ أوضح سبب ذلك بقوله: (وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ) بفتح السِّين المهملة والرَّاء، وقد تُسكَّن، أي: المستعجلون منهم (فَلَقِيَهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ) بفتح النُّون، لا واحدَ له من لفظه، وفي «باب من قاد دابَّة غيره» [خ¦2864] «إنَّ هوازن كانوا قومًا رماةً، وإنَّما(2) لمَّا لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم، فاستقبلونا بالسِّهام» فبيَّن السَّبب في الإسراع (وَالنَّبِيُّ صلعم عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ) الَّتي أهداها له فروة بن نُفاثة كما مرَّ عن رواية مسلمٍ، ولأبي ذَرٍّ: ”على بغلةٍ بيضاءَ“ (وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ) بن عبد المطَّلب (آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ صلعم يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ) أي: فلا أنهزم لأنَّ الَّذي وعدني الله به من النَّصر حقٌّ لا خُلْف لميعاده تعالى (أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ) انتسَب لجدِّه لشهرته به، كما قال ضمام بن ثعلبة لمَّا قدم: أيُّكم ابن عبد المطَّلب؟


[1] «النَّبيُّ»: مثبتٌ من (م).
[2] في (د): «وإنَّا» كذا في صحيح البخاري.