إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن لكل نبي حواريًا وحواري الزبير

          2846- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَين قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ) بن عبد الله بن الهُدَير بالتَّصغير التَّيميِّ(1) المدنيِّ (عَنْ جَابِرٍ) هو ابن عبد الله الأنصاريِّ (رَضِي اللهُ عنهُ) وعن أبيه أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القَوْمِ)(2) بني قريظة من اليهود(3) (يَوْمَ الأَحْزَابِ؟) لمَّا اشتدَّ الأمر، وذلك أنَّ الأحزاب من قريش وغيرهم لما جاؤوا إلى المدينة، وحفر النَّبيُّ صلعم الخندق بلغ المسلمين أنَّ بني قريظة من اليهود نقضوا العهد الَّذي كان بينهم وبين المسلمين، ووافقوا قريشًا على حرب المسلمين (قَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”فقال“ (الزُّبَيْرُ) بن العوَّام القرشيُّ أحدُ العشرة: (أَنَا) آتيك بخبرهم (ثُمَّ قَالَ) ╕ : (مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القَوْمِ؟ قَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”فقال“ (الزُّبَيْرُ: أَنَا) مرَّتين، وعند النَّسائيِّ من رواية وهب بن كيسان: أشهد لَسمعت جابرًا يقول: لمَّا اشتدَّ الأمر يوم بني قريظةَ قال رسول الله صلعم : «مَن يأتينا بخبرهم؟» فلم يذهب أحدٌ، فذهب الزُّبير، فجاء بخبرهم، ثمَّ اشتدَّ الأمر أيضًا، فقال ╕ : «من يأتينا بخبرهم؟» فلم يذهب أحدٌ، فذهب الزُّبير، وفيه: أنَّ الزُّبير توجَّه إليهم ثلاث مرَّاتٍ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا) بفتح الحاء المهملة والواو، وبعد الألف راءٌ مكسورةٌ فتحتيَّةٌ مشدَّدةٌ، أي: خاصَّة من أصحابه. وقال التِّرمذيُّ: النَّاصر، ومنه الحواريُّون أصحاب عيسى ابن مريم ╨ / أي: خلصاؤه وأنصاره، وقال قتادة فيما رواه عبد الرَّزاق: الوزير (وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ) إضافةً إلى ياء المتكلِّم فحذفَ الياء‼، وقد ضبطه جماعةٌ بفتح الياء، وهو الَّذي في الفرع وغيره، وآخرون بالكسر وهو القياس، لكنَّهم حين استثقلوا ثلاث ياءاتٍ، حذفوا ياء المتكلِّم، وأبدلوا من الكسرة فتحةً. وقد استُشكِل(4) ذكر الزُّبير هنا، فقال ابن الملقِّن في «التَّوضيح» المشهور _كما قاله شيخنا فتح الدِّين اليعمريُّ_ أَنَّ الَّذي توجَّه ليأتي بخبر القوم حذيفة بن اليمان. قال(5) الحافظ ابن حجرٍ ☼ : وهذا الحصر مردودٌ، فإنَّ(6) القصَّة الَّتي ذهب لكشفها غير القصَّة الَّتي ذهب حذيفة لكشفها، فقصَّة الزُّبير كانت لكشف خبر بني قريظة هل نقضوا العهد الَّذي كان بينهم وبين المسلمين، ووافقوا قريشًا على محاربة المسلمين؟ وقصَّة حذيفة كانت لمَّا اشتدَّ الحصار على المسلمين بالخندق وتمالأت عليهم الطَّوائف، ثمَّ وقع بين الأحزاب الاختلاف، وحذَّرت كلُّ طائفة من الأخرى، وأرسل الله(7) عليهم الرِّيح واشتدَّ البرد تلك اللَّيلة، فانتدب ╕ مَن يأتيه بخبر قريش، فانتدب له حذيفة بعد تكراره طلب ذلك.
          وحديث الباب أخرجه البخاريُّ أيضًا(8) في «المغازي» [خ¦4113]، ومسلمٌ في «الفضائل» والتِّرمذيُّ في «المناقب»، والنَّسائيُّ فيه وفي «السِّير»، وابن ماجه في «السُّنَّة».


[1] في (ص): «التَّميميِّ»، وهو تحريفٌ.
[2] زيد في (د): «مِن».
[3] «من اليهود»: مثبتٌ من (م).
[4] في (د1) و(ص) و(م): «أشكل».
[5] في (ص): «قاله» وليس بصحيحٍ.
[6] في (ص): «بأنَّ».
[7] اسم الجلالة ليس في (د).
[8] «البخاريُّ أيضًا»: ليس في (د).