إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا

          2843- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) عبد الله بن عمرٍو المقعدُ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ(1)) بضمِّ الحاء وفتح السِّين، ابن ذكوان المعلِّم، البصريُّون، قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (يَحْيَى) هو ابن أبي كثيرٍ اليماميُّ(2) الطَّائيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد أيضًا‼ (أَبُو سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد كذلك (بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ) بضمِّ الموحَّدة وسكون المهملة وكسر عين «سَعِيدٍ» مولى الحضرميِّ من أهل المدينة (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد أيضًا (زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ) أبو عبد الرَّحمن الجهنيُّ ( ☺ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ بِخَيْرٍ) بأن هيَّأ له أسباب سفره من ماله أو من مال الغازي (فَقَدْ غَزَا) أي: فله مثل أجر الغازي وإن لم يغزُ حقيقةً من غير أن ينقص من أجر الغازي شيءٌ؛ لأنَّ الغازي لا يتأتَّى منه الغزو إلَّا بعد أن يُكفى ذلك العمل، فصار كأنَّه يباشر(3) معه الغزو، ولكنَّه يضاعَف الأجر لمن جهَّزه من ماله ما لا يضاعَف لمن دلَّه، أو أعانه إعانةً مجرَّدةً عن بذل المال. نعم، من تحقَّق عجزه عن الغزو، وصدقت نيَّته، ينبغي ألَّا يُختلَف أنَّ أجره يُضاعف(4) كأجر العامل المباشر لما مرَّ فيمن نام عن حزبه (وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ بِخَيْرٍ) في أهله ومن يتركه بأن ناب(5) عنه في مراعاتهم وقضاء مآربهم زمانَ غيبته (فَقَدْ غَزَا) أي: شاركه في الأجر من غير أن ينقص من أجره شيءٌ، لأنَّ فراغ الغازي له واشتغاله به بسبب قيامه بأمر عياله، فكأنَّه مسبَّبٌ(6) من فعله. وفي حديث عمر بن الخطَّاب مرفوعًا: «من جهَّز غازيًا(7) حتَّى يستقلَّ كان له مثل أجره حتَّى يموت أو يرجع» رواه ابن ماجه. وفي «الطَّبرانيِّ الأوسط» برجال الصَّحيح مرفوعًا: «مَن جهَّز غازيًا في سبيل الله فله مثل أجره، ومَن خلف غازيًا في أهله بخير، وأنفق على أهله، فله مثل أجره». وفي حديث عمر بن الخطَّاب ☺ في «صحيح ابن حبَّان» مرفوعًا: «من أظلَّ رأس غازٍ أظلَّه الله يوم القيامة» الحديث. فإن قلت: هل مَن جهَّز غازيًا على الكمال، ويخلفه بخيرٍ في أهله له(8) أجر غازيَين أو غازٍ واحد؟ أجاب ابن أبي جمرة: بأنَّ ظاهر اللَّفظ يفيد أنَّ له أجر غازيَين؛ لأنَّه ╕ جعل كلَّ فعلٍ مستقلًّا بنفسه غير مرتبطٍ بغيره.
          وحديث الباب أخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «الجهاد».


[1] في (د): «حسين»، وهو تحريفٌ.
[2] في (د): «اليامي»، وهو تحريفٌ.
[3] في (د): «مباشرٌ».
[4] في (د1) و(ص) و(م): «مضاعَفٌ».
[5] في (د): «قام».
[6] في (ج) و(ل): «فكأنَّ مسبَّبٌ».
[7] زيد في (د): «في سبيل الله». وكذا في سنن ابن ماجه.
[8] «له»: سقط من (ص).