إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم قالوا

          2779- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ العنبريُّ مولاهم التَّنوريُّ (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) يزيد بن حُمَيد الضُّبَعيِّ (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم ) لمَّا أراد بناء مسجده: (يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي) بالمثلَّثة، أي: ساوموني (بِحَائِطِكُمْ) ببستانكم (قَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ) ╡، أي: منه، ولا يصير الملك / وقفًا بقول مالكه: لا أطلب(1) ثمنه إلَّا إلى الله، لكنْ أجاب ابن المُنَيِّر: بأنَّ مراد البخاريِّ: أنَّ الوقف يصحُّ بأيِّ لفظٍ دلَّ عليه، إمَّا بمجرَّده أو بقرينةٍ. انتهى. وألفاظ الوقف صريحةٌ؛ كوقفت كذا(2)، وحبَّست، وسبَّلت، أو أرضي موقوفة، أو محبَّسة، أو مسبَّلة، وكنايةٌ، كحرَّمت هذه البقعة للمساكين، أو أبَّدتها، أو داري محرَّمةٌ أو مؤبَّدةٌ، ولو قال: تصدَّقت به على المساكين ونوى الوقف؛ فوجهان، أصحهما أنَّ النِّيَّة تلتحق باللَّفظ، ويصير وقفًا، وإن أضاف إلى معيَّن، فقال: تصدَّقت عليك، أو قاله(3) لجماعةٍ معيَّنين، لم يكن وقفًا على الصَّحيح، بل ينفذ فيما هو صريحٌ فيه، وهو التَّمليك المحض، ولو قال: جعلت هذا المكان مسجدًا، صار مسجدًا على الأصحِّ، لإشعاره بالمقصود واشتهاره فيه.


[1] في (د): «نطلب».
[2] «كذا»: ليس في (د).
[3] في (د): «قال».