إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا حكيم إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس

          2750- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) البِيكَنديُّ _بكسر الموحَّدة وفتح الكاف_ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذَرٍّ: ”أخبرنا“ (الأَوْزَاعِيُّ) عبد الرَّحمن بن عمرو (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام (أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ☺ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي) بتكرير الإعطاء مرَّتين‼ (ثُمَّ قَالَ لِي: يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَالَ) في الرَّغبة والميل إليه كالفاكهة (خَضِرٌ) في المنظر(1) (حُلْوٌ) في الذَّوق، وذكَّر الخبر هنا وأنَّثه في «الزكاة» [خ¦1472] وتقدَّم توجيهه ثَمَّ (فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ) من غير حرص عليه، أو بسخاوة نفس المعطي (بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ) بكسر الهمزة وسكون الشِّين المعجمة، مكتسبًا له بطلب النَّفس وحرصها عليه وتطلُّعها إليه (لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ) أي: للآخذ في المأخوذ (وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ) أي: كذي الجوع الكاذب بسبب علَّةٍ من غلبة(2) خلطٍ سوداويٍّ(3) أو آفةٍ، ويُسمَّى جوعَ الكَلَب، كلَّما ازداد أكلًا ازداد جوعًا (وَاليَدُ العُلْيَا) المنفقة (خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى) المنفَق عليها (قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا) بفتح الهمزة وتقديم الرَّاء السَّاكنة على الزَّاي، آخره همزةٌ مضمومةٌ، أي: لا آخذ من أحدٍ (بَعْدَكَ شَيْئًا) من ماله (حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق ☺ (يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ العَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا) خوف الاعتياد، فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده (ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☺ (دَعَا) بحذف الضَّمير، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: ”دعاه“ أي: حكيمًا (لِيُعْطِيَهُ فَيَأْبَى) ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ(4): ”فأبى“ بلفظ الماضي (أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ) أي: عمر (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى) بلفظ المضارع، ولأبي ذَرٍّ: ”فأبى“ (أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلعم حَتَّى تُوُفِي ☼ ) لعشر سنين من إمارة معاوية مبالغةً في الاحتراز، ولم يظهر لي(5) وجه المطابقة، وما ذكروه لا يخلو من تعسُّفٍ كبيرٍ(6)، فالله أعلم.
          وهذا / الحديث قد سبق في «الزَّكاة» [خ¦1472].


[1] في (د) و(م): «النَّظر».
[2] «من غلبة»: سقط من (د).
[3] في (د): «سواديٍّ» وزيد فيها: «ويسمَّى».
[4] «والأصيلي»: سقط من (د).
[5] «لي»: سقط من (د).
[6] في (د): «كثير».