إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: موسى رسول الله

          2728- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بن يزيد الفرَّاءُ، أبو إسحاق الرَّازيُّ قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) هو ابن يوسف أبو عبد الرَّحمن الصَّنعانيُّ قاضيها (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (أَخْبَرَهُ) ولأبي ذَرٍّ: ”أخبرهم“ بميم الجمع (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ) على وزن يرضى، ابن هرمز (وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ) بفتح العين وسكون الميم (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) الكوفيِّ (يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا) بالرَّفع عطفًا على فاعل «أخبرني» (قَدْ سَمِعْتُهُ) الضَّمير المرفوع لابن جريج، والمنصوب للغير (يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) أنَّه(1) (قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ) بفتح اللام للتَّأكيد(2) ( ☻ ، قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ) ☺ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : مُوسَى رَسُولُ اللهِ) مبتدأٌ وخبرٌ، أي: صاحب الخضر هو موسى بن عمران كليم الله ورسوله، لا موسى آخر، كما يزعم نوف البكاليُّ (فَذَكَرَ الحَدِيثَ) في قصَّة موسى والخضر ({قَالَ}) أي: الخضر لموسى: ({أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}؟[الكهف:72] كَانَتِ) المسألة (الأُولَى) من موسى (نِسْيَانًا) بالنَّصب خبر «كان» (وَ) المسألة (الوُسْطَى شَرْطًا) يعني: كانت بالشَّرط بالقول (و) المسألة (الثَّالِثَةُ عَمْدًا) وأشار إلى الأولى بقوله: ({قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي / بِمَا نَسِيتُ}) أي: بالَّذي نسيته أو بنسياني أو بشيء(3) نسيته؛ يعني: وصيَّته بأن لا يعترض عليه، وهو اعتذارٌ بالنِّسيان، أخرجه في معرض النَّهي عن المؤاخذة مع قيام المانع لها، قاله البيضاويُّ، وقال السَّمرقنديُّ: قال ابن عبَّاسٍ: هذا من معاريض الكلام؛ لأنَّ موسى لم ينسَ، ولكن قال: لا تؤاخذني بما نسيت إذا كان منِّي نسيانٌ، فلا تؤاخذني به ({وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}[الكهف:73]) لا تكلِّفني من أمري شدَّة، وأشار إلى الوسطى الَّتي كانت بالشَّرط بقوله: ({لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ}[الكهف:74]) وإلى الثَّالثة بقوله: (فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}) أي: تدانى إلى أن يسقط، فاستُعِيرَت الإرادة للمشارفة ({فَأَقَامَهُ}[الكهف:77]) بعمارته أو بعمودٍ عُمِدَ به، وقيل: مسحه بيده فقام (قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ) أي: {وَرَاءهُم}‼ من قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم}: (▬أَمَامَهُمْ مَلِكٌ↨).
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «والوسطى شرطًا» لأنَّ المراد به قوله: {إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي}، والتزم موسى بذلك، ولم يكتبا ذلك، ولم يُشهِدا أحدًا، وفيه دلالةٌ على العمل بمقتضى ما دلَّ عليه الشَّرط، فإنَّ الخضر قال لموسى لمَّا أخلف الشَّرط: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[الكهف:78] ولم ينكر عليه موسى صلعم .
          وهذا الحديث قد(4) أخرجه المؤلِّف في مواضعَ كثيرةٍ، تزيد على العشرة مطوَّلًا ومختصَرًا. [خ¦122] [خ¦3278] [خ¦3401] [خ¦4725] [خ¦4726] [خ¦4727] [خ¦6672].


[1] «أنَّه»: سقط من (د).
[2] في (د): «بلام التَّأكيد».
[3] في (م): «لشيءٍ».
[4] «قد»: ليس في (ب) و(س).