إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لما صالح رسول الله أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابًا

          2698- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحَّدة والمعجمة المشدَّدة، أبو بكر العبديُّ البصريُّ المعروف ببندار قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) محمَّد بن جعفر قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) عمرو بن عبد الله السَّبيعيِّ الهَمْدانيِّ الكوفيِّ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ☻ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صلعم أَهْلَ الحُدَيْبِيَةِ) بتخفيف الياء في الفرع كأصله وغيره، قال القاضي عياض: كذا ضبطناه عن المتقنين، وعامَّة الفقهاء والمحدِّثون يشدِّدونها، وهي قرية ليست بالكبيرة، سُمِّيَت ببئر هناك عند مسجد الشَّجرة (كَتَبَ عَلِيٌّ) بن أبي طالب رضوان الله عليه بأمره صلعم ، وسقط لغير أبوي ذَرٍّ والوقت «ابن أبي طالب» (بَيْنَهُمْ) أي: بين المسلمين والمشركين (كِتَابًا) بالصُّلح على أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين، وأن يأمن بعضهم بعضًا، وأن يرجع عنهم عامَهم (فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) فيه حَذْفٌ، أي: هذا ما قاضى عليه محمَّد رسول الله، زاد في رواية غير أبي ذرٍّ: ” صلعم “ (فَقَالَ المُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا(1) لَمْ نُقَاتِلْكَ. فَقَالَ) صلعم (لِعَلِيٍّ) ☺ : (امْحُهُ) بضمِّ الحاء في الفرع كأصله، وفي نسخة بفتحها، أي: امحُ الخطَّ الَّذي لم يريدوا إثباته، يقال: محوت الكتابة ومحيتها (فَقَالَ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”قال“ (عَلِيٌّ) ☺ : (مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ) ليس بمخالفة لأمره ╕ ، بل عُلِم بالقرينة أنَّ الأمر ليس للإيجاب (فَمَحَاهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) زاد أبو ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ والمُستملي: ”بيده“ (وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ) في العام القابل(2) مكَّة (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا) بالواو، ولأبي ذَرٍّ: ”فلا“ (يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلْبانِ السِّلَاحِ) بضمِّ الجيم وسكون اللَّام، وبضمِّها وتشديد الموحَّدة، وقال عياض: وبالتَّشديد ضبطناه، وصوَّبه ابن قُتيبة، وبالتَّخفيف ضبطه الهرويُّ وصوَّبه، وإنَّما اشترطوا ذلك ليكون أمارةً للسِّلم؛ لئلَّا يُظنَّ أنَّهم دخلوها قهرًا (فَسَأَلُوهُ: مَا جُلْبانُ السِّلَاحِ؟) بتخفيف الموحَّدة وتشديدها (فَقَالَ) ولأبي ذَرٍّ ”قال“ : (القِرَابُ بِمَا فِيهِ).
          ومطابقته للتَّرجمة في قوله: «فكتب: محمَّد رسول الله»، ولم ينسبه لأبيه وجدِّه‼، وأقرَّه صلعم على ذلك؛ لأمن اللَّبس.
          وهذا الحديث أخرجه مسلم في «المغازي» وأبو داود في «الحجِّ».


[1] في (د): «رسول الله».
[2] في (ب) و(س): «المقبل».