إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: البينة أو حد في ظهرك

          2671- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحَّدة والمعجمة المشدَّدة، ابن عثمان العبديُّ البصريُّ أبو بكر بُنْدَار قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) هو محمَّد، واسم أبي عديٍّ إبراهيمُ (عَنْ هِشَامٍ) هو ابن حسَّان القردوسيُّ البصريُّ أنَّه قال: (حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ) مولى ابن عبَّاس، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”عن عكرمة“ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ) الأنصاريَّ الواقفيَّ (قَذَفَ امْرَأَتَهُ) قيل: اسمها خولة بنت عاصم، رواه ابن منده، أي: رماها بالزِّنا (عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ) بفتح السِّين وسكون الحاء المهملتين، اسم أمِّه، وأما أبوه فعَبَدة _بفتح العين المهملة والموحَّدة_ ابن مُعَتِّب _بضمِّ الميم وفتح العين المهملة وتشديد الفوقيَّة آخره موحَّدة_ كذا ضبطه النَّوويُّ، وضبطه الدَّارقطنيُّ: مُغيْث، بالغين المعجمة وسكون التَّحتيَّة آخره مثلَّثة (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : البَيِّنَةَُ) نصبٌ، أي: أحضر البيِّنةَ، ويجوز الرَّفعُ، أي: الواجب عليك البيِّنة (أَوْ حَدًّا) بالنَّصب بفعل مقدَّر، والرَّفع، أي: الواجب عند عدم البيِّنة حدٌّ (فِي ظَهْرِكَ) أي: على ظهرك، كقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه:71] (فَقَالَ) هلال، ولأبي ذَرٍّ: ”قال“ : (يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ) حال كونه (يَلْتَمِسُ) يطلب (البَيِّنَةَ؟! / فَجَعَلَ) ╕ (يَقُولُ: البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ) بنصب «البيِّنة» ورفع «حدٌّ» أي: تحضر البيِّنة، وإن لم تحضرها فجزاؤك حدٌّ (فِي ظَهْرِكَ) فحُذِفَ ناصب «البيِّنة» وفعل الشَّرط والجزء الأوَّل من الجملة الجزائيَّة والفاء. قال ابن مالك: وحَذْف مثل هذا لم يذكر النُّحاة أنَّه يجوز إلَّا في الشِّعر، لكنَّه يَرِدُ عليهم وروده في هذا الحديث الصَّحيح، ولأبوي الوقت وذَرٍّ: ”أو حدٌّ“ أي: تحضر البيِّنةَ أو يقع حدٌّ في ظهرك. قال في «المصابيح»: وفي هذا التَّقدير محافظة على تشاكل الجملتين لفظًا، وفي نسخة: ”البيِّنةُ“ بالرَّفع، والتَّقدير: إمَّا البيِّنة وإمَّا حدٌّ في ظهرك.
          (فَذَكَرَ) أي: ابن عبَّاس (حَدِيثَ اللِّعَانِ) الآتي‼ تمامه في «تفسير سورة النُّور» [خ¦4747] مع ما فيه من المباحث إن شاء الله تعالى، والغرض منه هنا تمكين القاذف من إقامة البيِّنة على زنا المقذوف لدفع الحدِّ عنه، ولا يرد عليه أنَّ الحديث ورد في الزَّوجين، والزَّوج له مخرج عن الحدِّ باللِّعان إن عجز عن البيِّنة بخلاف الأجنبيِّ، لأنَّا نقول: إنَّما كان ذلك قبل نزول آية اللِّعان، حيث كان الزَّوج والأجنبيُّ سواء، وإذا ثبت ذلك للقاذف ثبت لكل مدَّعٍ من باب أولى، قاله في «الفتح»، ومن قبله الزَّركشيُّ في «تنقيحه». وقال في «المصابيح»: إنَّه كلام ابن المُنَيِّر بعينه.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف في «التَّفسير» [خ¦4747] و«الطَّلاق» [خ¦5307]، وأبو داود في «الطَّلاق»، والتِّرمذيُّ في «التَّفسير» و«الطَّلاق».