إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة والشاة الصفي

          2629- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو ابن عبد الله بن بُكَير، ونسبه لجدِّه لشهرته به، المخزوميُّ قال: (حَدَّثَنَا مَالِكٌ) الإمامُ الأعظم (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عبد الله بن ذَكْوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هُرْمُز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: نِعْمَ المَنِيحَةُ) النَّاقة (اللِّقْحَةُ) بكسر اللَّام وسكون القاف، والرَّفع: صفةٌ لسابقها، الملقوحة: وهي ذات اللَّبن القريبة العهد بالولادة (الصَّفِي) بفتح الصَّاد وكسر الفاء: صفةٌ ثانية لكثيرة اللَّبن، واستعمله بغير هاء. قال الكِرْمانيُّ: لأنَّه إمَّا فعيل أو فَعُول، يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث، وتعقَّبه العَينيُّ: بأنَّ قوله: إمَّا فعيل غير صحيح، لأنَّه من معتلِّ اللَّام الواويُّ دون اليائيِّ. وقال في «المصابيح»: والأشهر استعمالها بغير هاء. قال العَيْنيُّ: ويُروى أيضًا: «الصَّفيَّة» (مِنْحَةً) نصبٌ على التَّمييز. قال ابن مالك في «التَّوضيح»: فيه وقوع التَّمييز بعد فاعل «نِعْمَ» ظاهرًا، وقد منعه سيبويه إلَّا مع إضمار الفاعل نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[الكهف:50] وجوَّزه المبرِّد، وهو الصَّحيح. انتهى. وقال في «المصابيح»: يحتمل أن يقال: إنَّ فاعل «نِعْمَ» في الحديث مضمرٌ، والمنيحة الموصوفة بما ذُكِر هي المخصوص بالمدح، و«منحةً»: تمييز تأخَّر عن المخصوص، فلا شاهد فيه على ما قال، ولا يرد على سِيْبَويه حينئذٍ (وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ) صفةٌ وموصوف، عُطِفَ على ما قبله (تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ) أي: تَحلب إناءً بالغداة وإناء بالعَشيِّ، أو تغدو بأجر حلبها في الغدوِّ والرَّواح، والمنحة: من باب: الصِّلات لا من باب: الصَّدقات.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (وَإِسْمَاعِيلُ) بن أبي أُوَيس‼ (عَنْ مَالِكٍ) أنَّه (قَالَ) في روايته للحديث السَّابق: (نِعْمَ الصَّدَقَةُ) أي: اللِّقحة الصَّفيُّ منحةً، قال في «الفتح»: وهذا هو المشهور عن مالك، وكذا رواه شُعَيب عن أبي الزِّناد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في «الأشربة» [خ¦5608] أي: بلفظ الصَّدقة.