إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا

          2600- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ) أبو عبد الله‼ البصريُّ البُنَانيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بن زياد قال: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف الزُّهريِّ المدنيِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) سلمةُ بن صَخْر، أو سَلْمانُ بن صخر، أو أعرابيٌّ (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَقَالَ: هَلَكْتُ) فعلتُ ما هو سبب لهلالكي (فَقَالَ) ╕ : (وَمَا ذَاكَ؟) ولأحمد «وما الَّذي أهلكك؟» (قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي) أي: وطِئت امرأتي (فِي رَمَضَانَ) نهارًا (قَالَ) ╕ : (تَجِدُ) ولأبي ذرٍّ: ”أتجد“ (رَقَبَةً؟) المراد: الوجود الشَّرعي، ليدخل فيه القدرة بالشِّراء ونحوه، ويخرج عنه مِلْك الرَّقبة المحتاج إليها بطريقٍ شرعيٍّ (قَالَ) الرَّجل: (لَا) أجد رقبة (قَالَ) ╕ : (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ) الرَّجل: (لَا) أستطيع ذلك (قَالَ) ╕ : (فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ) الرَّجل: (لَا) أستطيع (قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال في مقدِّمة «فتح الباري»: لم يُسَمَّ، وإن صحَّ أنَّ المحترق سلمةُ بن صخر، فالرَّجل هو فَرْوة بن عَمرو البياضيُّ (بِعَرَقٍ) بفتح العين والرَّاء المهملتين، قال أبو هريرة أو الزُّهريُّ أو غيره: (_وَالعَرَقُ: المِكْتَلُ_) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح المثنَّاة الفوقيَّة، وهو الزِّنبيل (فِيهِ تَمْرٌ) وزاد ابن أبي حفصة عند أحمد: «فيه خمسة عشر صاعًا» وعند ابن خزيمة من حديث عائشة: «فأتى بعَرَق، فيه عشرون صاعًا» وعند مسدَّد من(1) مرسل عطاءٍ: «فأمر له ببعضه»، وهو يجمع بين الرِّوايات، فمَنْ قال: عشرون، أراد أصلَ ما كان فيه، ومن قال: خمسةَ عشر، أراد قدر ما تقع به الكفَّارة (قَالَ) ╕ : (اذْهَبْ بِهَذَا) العَرَق (فَتَصَدَّقْ بِهِ) بالجزمِ على الأمر (فقَالَ) الرَّجل: أتصَدَّق به (عَلَى) ناسٍ (أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللهِ؟ وَ) الله (الَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) بغير همزة، أي: حَرَّتَي المدينة المكتنفتين بها (أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ) ╕ ، ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”ثمَّ قال“ : (اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) مَنْ تلزمك نفقتُه أو زوجتك، وكان من مال الصَّدقة والكفَّارة باقيةٌ في ذمَّته، كما سبق تقريره في «الصِّيام» [خ¦1937] قال في «الفتح»: والغَرَض منه هنا: أنَّه صلعم أعطى الرَّجل التَّمر فقبضه، ولم يقل: قَبِلْتُ، ثمَّ قال: «اذهب فأطعمه أهلك» ولمن اشترط القَبول أن يجيب عن هذا: بأنَّها واقعةُ عَيْنٍ، فلا حجَّة فيها، ولم يُصرَّح فيها بذكر القبول ولا بنفيه.


[1] في (د): «وعَنْ» وسقط منها قوله: «وعند مسدَّد».