إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان رسول الله يقبل الهدية ويثيب عليها

          2585- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهد قال: (حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ) بن أبي(1) إسحاقَ السَّبِيعي، بفتح(2) السِّين المهملة وكسر الباء (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عُرْوة بن الزُّبَير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا) أي: يعطي الذي يهدي له بدلها. واستدلَّ به بعض المالكيَّة على وجوب الثَّواب على الهديَّة إذا أَطْلَق، وكان ممَّن يطلب مثله الثَّواب كالفقير للغنيِّ، بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى، ووجه الدَّلالة منه: مواظبتُه صلعم على ذلك(3)‼، ومذهبُ الشَّافعيَّة لا يجب بمطلق الهبة والهديَّة، إذ لا يقتضيه اللَّفظ ولا العادة، ولو وقع ذلك من الأدنى إلى الأعلى، كما في إعارته له إلحاقًا للأعيان بالمنافع، فإن أثابه المتَّهب على ذلك، فهبةٌ مبتدأةٌ، وإذا قيَّدها المتعاقدان(4) بثوابٍ معلوم لا مجهول، صحَّ العقد بيعًا نظرًا للمعنى، فإنَّه معاوضةُ مالٍ بمال معلوم كالبيع، بخلاف ما إذا قيَّداها بمجهول، لا يصحُّ لتعذُّره بيعًا وهبة. نعم، المكافأة على الهديَّة والهبة مستحبَّةٌ اقتداءً به صلعم .
          وأشار المؤلِّف بقوله: (لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ) هو ابنُ الجرَّاح، فيما وصله ابن أبي شَيْبَة (وَمُحَاضِرٌ) بضمِّ الميم وكسر الضَّاد المعجمة، ابنُ المورِّع _بتشديد الرَّاء المكسورة وبالعين المهملة_ الكوفيُّ (عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ) عُرْوَة (عَنْ عَائِشَةَ) إلى أنَّ عيسى بن يونس تفرَّد بوصل هذا الحديث عن هشام، وقد قال التِّرمذيُّ(5) والبزَّار: لا نعرفه موصولًا إِلَّا من حديث عيسى بن يونس، وهو عند النَّاس مرسل، قال ابن حَجَر: وروايةُ مُحاضِر لم أقف عليها.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة متَّجهةٌ إذا أريد بلفظ الهبة معناها الأعمُّ، والحديث أخرجه أبو داود في «البيوع» والتِّرمذيُّ في «البرِّ».


[1] قوله: «أبي»: سقط من جميع النُّسخ.
[2] في (د1) و(ص): «بكسر».
[3] «على ذلك»: سقط من (د1) و(ص) و(ج).
[4] في (ص): «العاقدان».
[5] «التِّرمذي»: سقط من (د1) و(ص).