إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تدعون منه درهمًا

          2537- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن أبي أويسٍ، ابن أخت الإمام مالك بن أنسٍ، احتجَّ به الشَّيخان، ولم يُخرِج له البخاريُّ ممَّا ينفرد به سوى حديثين، وروى له الباقون إلَّا النَّسائيَّ؛ فإنَّه أطلق القول بضعفه؛ لأنَّه أخطأ في أحاديث رواها من حفظه، لكن الذي أخرجه له البخاريُّ من صحيحِ حديثِه فلا يُحتَجُّ بشيءٍ من حديثه غير ما في «الصَّحيح» (1) من أجل ذلك. وقدح فيه النَّسائيُّ وغيره إلَّا أن يشاركه غيره فيُعتبَر به، قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ) بضمِّ العين وسكون القاف، وثَّقه النَّسائيُّ ويحيى بن معينٍ وأبو حاتمٍ، وتكلَّم فيه السَّاجي(2) بكلامٍ لا يستلزم قدحًا، وقد احتجَّ به البخاريُّ والنَّسائيُّ، لكن لم يُكثِرا عنه (عَنْ مُوسَى) ولأبي ذرٍّ زيادة: ”ابن عقبة“ الإمام في المغازي (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَنَسٌ ☺ : أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ) لم يعرف الحافظ ابن حجرٍ أسماءهم (اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللهِ صلعم فَقَالُوا: ائْذَنْ) زاد أبو ذرٍّ: ”لنا“ (فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا) بالمُثنَّاة الفوقيَّة (عَبَّاسٍ) هو ابن عبد المطَّلب، وليسوا بأخواله، إنَّما هم أخوال أبيه عبد المطَّلب؛ لأنَّ أمَّه سلمى بنت عمرو بن(3) أُحَيْحَة _بمُهمَلتين مُصغَّرًا_ وهي(4) من بني النَّجار، وأمَّا أمُّ عبَّاسٍ فهي نُتَيلة _بالنُّون والمُثنَّاة الفوقيَّة‼ مُصغَّرًا_ بنت جَنَابٍ _بالجيم والنُّون وبعد الألف مُوحَّدةٌ_ وليست من الأنصار اتِّفاقًا، وإنَّما قالوا: «ابن أختنا» لتكون المنَّة عليهم في إطلاقه بخلاف ما لو قالوا: ائذن لنا فلنترك لعمِّك (فِدَاءَهُ) أي: المال الذي يستنقذ به نفسه من الأسر (فَقَالَ) ╕ : (لَا تَدَعُونَ مِنْهُ) أي: لا تتركون من فدائه (دِرْهَمًا) وإنَّما لم يجبهم ╕ إلى ذلك؛ لئلَّا يكون في الدِّين نوعٌ من(5) محاباة، وكان العبَّاس ذا مالٍ، فاستُوفيت منه الفدية، وصُرِفت إلى الغانمين، وأراد المؤلِّف بإيراده هنا الإشارة إلى أنَّ العمَّ وابن العمِّ لا يَعتِقَان على من ملكهما من ذوي رحمهما؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم قد ملك من عمِّه العبَّاس ومن ابن عمِّه عقيلٍ بالغنيمة التي له فيها نصيبٌ، وكذلك عليٌّ ☺ قد ملك من أخيه عقيلٍ وعمِّه العبَّاس ولم يَعْتِقا عليه، وهو حجَّةٌ على الحنفيَّة كما سبق، والحديث الذي تمسَّكوا به في ذلك المرويُّ عند أصحاب «السُّنن» من طريق الحسن عن(6) سَمُرة استنكره ابن المدينيِّ ورجَّح إرساله، وقال البخاريُّ: لا يصحُّ، وقال أبو داود: تفرَّد به / حمَّادٌ، وكان يشكُّ في وصله، وذهب الشَّافعيُّ إلى أنَّه لا(7) يعتق على المرء إلَّا(8) أصولُه ذكورًا وإناثًا وإن علوا، وفروعه كذلك وإن سفلوا، لا لهذا(9) الدَّليل بل لأدلَّةٍ أخرى، منها: قوله صلعم : «لن يجزي ولدٌ والده إلَّا أن يجده مملوكًا، فيشتريَه، فيعتقَه» رواه مسلمٌ، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[الأنبياء:26] دلَّ على نفي اجتماع الولديَّة والعبديَّة، وهذا مذهب مالكٍ أيضًا، لكنَّه زاد الإخْوَة حتَّى(10) من الأمِّ، وإنَّما خالف الشَّافعيَّة في الإِخْوَة لقصَّة عقيلٍ وعليٍّ كما مرَّ على ما لا يخفى.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الجهاد» [خ¦3048] و«المغازي» [خ¦4018].


[1] في (م): «الصَّحيحين».
[2] في (م): «السَّامي»، وهو تحريفٌ.
[3] زيد في (د): «بنت»، وليس بصحيحٍ.
[4] في (ص): «وهو».
[5] «من»: مثبتٌ من (ص).
[6] في غير (د) و(س): «بن»، وهو تحريفٌ.
[7] «لا»: ليس في (ص).
[8] «إلَّا»: ليس في (ص).
[9] في (م): «بهذا»، وهو تحريفٌ.
[10] في (ص): «أراد حتَّى الأخوَّة».