إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه

          2441- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) المِنْقَريُّ _بكسر الميم وسكون النُّون وفتح القاف_ قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) هو ابن يحيى بن دينارٍ البصريُّ العَوْذِيُّ، بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة (قَالَ: أَخْبَرَنِي) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد فيهما (قَتَادَةُ) بن دعامة (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ) بضمِّ الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الرَّاء وبالزَّاي (المَازِنِيِّ) وقيل: الباهليِّ البصريِّ، أنَّه (قَالَ: بَيْنَمَا) بالميم، وفي روايةٍ: ”بينا“ (أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ ☻ آخِذٌ بِيَدِهِ) بمدِّ الهمزة، مرفوعٌ بدلًا(1) من «أمشي» الذي هو خبرٌ لقوله: «أنا»، والجملة حاليَّةٌ، والضَّمير في «يده» لابن عمر، وجواب «بينما» قوله: (إِذْ عَرَضَ) له (رَجُلٌ) لم أعرف اسمه (فَقَالَ) له: (كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلعم فِي النَّجْوَى؟) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”يقول في النَّجوى“ أي(2): التي تقع بين(3) الله وبين(4) عبده يوم القيامة(5)، وهو فضلٌ من الله تعالى، حيث يذكر المعاصي للعبد سرًّا (فَقَالَ) ابن عمر ☻ : (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم ) حال كونه (يَقُولُ: إِنَّ الله) ╡ (يُدْنِي المُؤْمِنَ) أي: يقرِّبه (فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ) بفتح الكاف والنُّون والفاء، أي: حفظَه وستره، وفي «كتاب خلق الأفعال» في رواية عبد الله بن المبارك عن محمَّد بن سواء(6) عن قتادة في آخر الحديث: قال عبد الله بن المبارك: كنفه: ستره(7) (وَيَسْتُرُهُ) عن أهل الموقف (فَيَقُولُ) تعالى له: (أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟) مرَّتين، ولأبي ذرٍّ: ”ذنبًا“ بالتَّنوين في الأخيرة (فَيَقُولُ) المؤمن: (نَعَمْ أَيْ رَبِّ) أعرفه (حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ) جعله مُقِرًّا بأن أظهر له ذنوبه وألجأه إلى الإقرار بها حتَّى / يعرف منَّة الله عليه في سترها عليه في الدُّنيا، وفي عفوه عنه(8) في الآخرة، وسقط في رواية أبي ذرٍّ لفظ «إذا» (وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ) باستحقاقه العذاب‼ (قَالَ) تعالى له: (سَتَرْتُهَا) أي: الذُّنوب (عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى) حينئذٍ (كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ) بالإفراد (وَالمُنَافِقُونَ) بالجمع في رواية أبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ والمُستملي، وله عن الكُشْمِيْهَنِيِّ أيضًا: ”والمنافق“ بالإفراد (فَيَقُولُ الأَشْهَادُ) جمع شاهدٍ وشهيدٍ، من الملائكة والنَّبيِّين وسائر الإنس والجنِّ: ({هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}).
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «التَّفسير» [خ¦4685] و«الأدب» [خ¦6070] و«التَّوحيد» [خ¦7514]، ومسلمٌ في «التَّوبة»، والنَّسائيُّ في «التَّفسير» وفي «الرَّقائق»، وابن ماجه في «السُّنَّة».


[1] في (ج) و(ل): «مرفوع بدل».
[2] «أي»: ليس في (د).
[3] زيد في (ب): «يدي».
[4] «بين»: مثبتٌ من (د).
[5] قال السندي في «حاشيته» معلِّقًا على كلام القسطلاني رحمهم الله: فحمل «النَّجوى» على النَّجوى المخصوصة بقرينة الجواب، ويمكن أن تحمل «النَّجوى» على إطلاقها، فيكون جواب ابن عمر بنجوى الله تعالى؛ لأنَّها تدلُّ على جواز النَّجوى للمصلحة، والله تعالى أعلم.
[6] كذا في الفتح أيضًا، وورد في المطبوع من كتاب خلق أفعال العباد «محمد بن يسار».
[7] قوله: «وستره، وفي كتاب خلق الأفعال... المبارك: كنفه: ستره» ليس في (م).
[8] في (د): «عنها».