إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أعطوه فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء

          2392- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهد بن مسربل بن مغربلٍ، أبو الحسن، الأسديُّ البصريُّ الثِّقة (عَنْ يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ سُفْيَانَ) الثَّوريِّ، أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ) الحضرميُّ، أبو يحيى الكوفيُّ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أَنَّ رَجُلًا) أعرابيًّا (أَتَى النَّبِيَّ صلعم يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا) كان ╕ اقترضه منه (فَقَالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”قال“ (رَسُولُ اللهِ صلعم : أَعْطُوهُ) بهمزة قطعٍ مفتوحةٍ، ولـ «مسلمٍ»: فأمر أبا رافعٍ أن يقضي الرَّجل بكرَه (فَقَالُوا: مَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”لا“ (نَجِدُ إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ) زاد في «باب استقراض الإبل» [خ¦2390]: «اشتروه فأعطوه إيَّاه» (فَقَالَ الرَّجُلُ) له ╕ : (أَوْفَيْتَنِي) أي: أعطيتني حقِّي وافيًا كاملًا (أَوْفَاكَ اللهُ) بالهمزة قبل الواو السَّاكنة فيهما (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَعْطُوهُ) أي: الأفضل (فَإِنَّ مِنْ(1) خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً) وهذا من مكارم أخلاقه، وليس هو من قرضٍ جرَّ منفعةً إلى المقرض المنهيِّ(2) عنه؛ لأنَّ المنهيَّ عنه ما كان مشروطًا في القرض، كشرط ردِّ صحيحٍ عن مُكسَّرٍ(3)، أو ردِّه بزيادةٍ في القدر أو الصِّفة، والمعنى فيه: أنَّ موضوعَ القرض الإرفاقُ، فإذا شرط فيه لنفسه‼ حقًّا خرج عن موضوعه فمنع صحَّته، فلو فعل ذلك بلا شرطٍ _كما هنا_ استُحِبَّ ولم يُكرَه، ويجوز للمقرض أخذها، لكن مذهب المالكيَّة أنَّ الزِّيادة في العدد منهيٌّ عنها(4)، واحتجَّ الشَّافعيَّة بعموم قوله: «فإنَّ من خيار النَّاس أحسنهم قضاءً»، ولو شرط أجلًا لا يجرُّ(5) منفعةً / للمقرض بأن لم يكن له فيه غرضٌ، أو أن يردَّ الأردأ أو المُكسَّر، أو أن يقرضه قرضًا آخر، لغا الشَّرط وحده دون العقد؛ لأنَّ ما جرَّه من المنفعة ليس للمقرض بل للمقترض، والعقد عقد إرفاقٍ، فكأنَّه(6) زاد في الإرفاق ووعده وعدًا حسنًا، لكن استُشكِل ذلك بأنَّ مثله يُفسد الرَّهن، وأُجيب بقوَّة داعي القرض؛ لأنَّه مُستَحبٌّ(7) بخلاف الرَّهن، ويُندَب الوفاء باشتراط الأجل، كما في تأجيل الدَّين الحالِّ، قاله ابن الرِّفعة.
          وهذا الحديث قد سبق قريبًا [خ¦2390].


[1] «من»: ليس في (ص).
[2] في (م): «للنَّهي».
[3] في (د): «مكسورٍ».
[4] في (م): «هنا»، وهو تحريفٌ.
[5] في (ص): «يجوز»، ولعلَّه تحريفٌ.
[6] في (ص): «مكانه»، وهو تحريفٌ.
[7] في (د): «يُستَحبُّ».