إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعًا

          2365- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أُوَيسٍ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ☻ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ) بضمِّ العين وكسر المعجمة، مبنيَّا للمفعول (فِي) شأن (هِرَّةٍ) أو بسبب هرَّةٍ، واحتجَّ به ابن مالكٍ على ورود «في» للسَّببيَّة (حَبَسَتْها حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا) أي: بسببها (النَّارَ، قَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم : (فَقَالَ) اللهُ، أو مالكٌ خازنُ النَّار(_وَاللهُ أَعْلَمُ_) جملةٌ معترضةٌ بين قوله: «فقال»، وقوله: (لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِيهَا) بإشباع كسرة التَّاء ياءً، كذا في رواية المُستملي والكُشْمِيْهَنِيِّ، وفي رواية الحَمُّويي: ”أطعمتِها“ بدون إشباعٍ (وَلَا سَقْيتِيهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا) بإشباع كسرة التَّاء فيهما ياءً، وفي «اليونينيَّة» حذف الياء من «سقيتيها»(1) (وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا) بإشباع كسرة التَّاء ياءً، ولأبي ذرٍّ: ”أرسلتِها“ بغير إشباعٍ، وسقط في نسخةٍ لفظ «أنت» (فَأَكَلَتْ) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”فتأكل“ (مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ) حشراتها، وحكى الزَّركشيُّ تثليث الخاء المعجمة، وقال في «المصابيح»: ليس فيه تصريحٌ بأنَّ الرِّواية بالتَّثليث، ولم أتحقَّق ذلك، فيُبحَث عنه. انتهى. قلت: كذا هو بالتَّثليث في فرع(2) «اليونينيَّة»، وقد سبق الزَّركشيُّ إلى حكاية التَّثليث صاحب «المشارق»، لكن قال النَّوويُّ: إنَّ الفتح أشهر.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة من حيث إنَّ هذه المرأة لمَّا حبست الهرَّة إلى أن ماتت الهرَّة(3) جوعًا وعطشًا فاستحقَّت هذا العذاب، فلو كانت سقتها لم تُعذَّب، ومن هنا يُعلَم فضل سقي الماء، وهل كانت هذه المرأة كافرةً أو مؤمنةً؟ قال القرطبيُّ: كلاهما محتملٌ، وقال النَّوويُّ: الصَّواب: أنَّها كانت مسلمةً، وأنَّها دخلت النَّار بسبب الهرَّة، كما هو ظاهر الحديث، وهذه المعصية ليست صغيرةً، بل صارت بإصرارها كبيرةً، وليس في هذا الحديث أنَّها تُخلَّد في النَّار.
          وقد أخرجه مسلمٌ في «الأدب»‼ وفي «الحيوان».


[1] قوله: «وفي اليونينيَّة: حذف الياء من سقيتيها»: ليس في (م).
[2] «فرع»: ليس في (د).
[3] «الهرَّة»: ليس في (د) و(م).