إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا زبير اسق ثم أرسل

          2361- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) هو عبد الله المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد‼ بن مسلم ابن شهابٍ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير، أنَّه(1) (قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرَ) بن العوَّام (رَجُلٌ) بالرَّفع على الفاعليَّة، ولأبي ذرٍّ: ”خاصم الزُّبير رجلًا“ بالنَّصب على المفعوليَّة (مِنَ الأَنْصَارِ) قد سبق في الباب قبله [خ¦2359] ما قيل في اسمه، زاد في الرِّواية السَّابقة: في شِرَاج الحَرَّة التي يَسقُون بها النَّخل (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : يَا زُبَيْرُ اسْقِ) بهمزة وصلٍ، أي: شيئًا يسيرًا دون حقّك (ثُمَّ أَرْسِلْ) زاد الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”الماء“ أي: إلى جارك كما في الحديث السَّابق، وهذا موضع التَّرجمة؛ لأنَّ إرسال الماء لا يكون إلَّا من الأعلى إلى الأسفل (فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ) له ╕ : (إِنَّهُ) أي: الزُّبيرُ (ابْنُ عَمَّتِكَ) صفيَّة، وهمزة ”إِنَّه“ بالفتح والكسر(2)، والكسر في فرع «اليونينيَّة»، قال ابن مالكٍ: لأنَّها واقعةٌ بعد كلامٍ تامٍّ مُعلَّلٍ بمضمون ما صُدِّر بها، فإذا كُسِرت قُدِّر ما(3) قبلها الفاء، وإذا / فُتِحت قُدِّر ما قبلها اللَّام، والكسر أجود، قال في «التَّنقيح»: ويمكن ترجيح الفاء بكونه كلامًا مستقلًّا من متكلِّمٍ آخر يبتدئ به كلامه، وجاء(4) الفتح لكونه علَّةً لما قبله، قال: وقوله _أي: ابن مالكٍ_: «إذا كُسِرت قُدِّر(5) ما(6) قبلها الفاء» كلامٌ مُشكِلٌ؛ لأنَّ تقدير الفاء إنَّما يكون للتَّعليل، والتَّعليل يقتضي الفتح لا الكسر، قال في «المصابيح»: هذا كلامُ من لم يُلِمَّ بفهم(7) كلام القوم؛ وذلك أنَّ الكسر منوطٌ بكون المحلِّ محلَّ الجملة لا المفرد، والفتحُ بكون المحلِّ للمفرد لا للجملة، وأمَّا التَّعليل فلا مدخل له من حيث خصوص التَّعليل لا في فتحٍ ولا في(8) غيره، ولكنَّه رآهم يقولون في(9) مثل: «أكرم زيدًا أَنَّه فاضلٌ» _بالفتح_: فُتِحت «أنَّ» لإرادة التَّعليل مثلًا، فظنَّ أنَّه الموجب للفتح، وليس كذلك، وإنَّما أرادوا فتحة «أنَّ» لأجل أنَّ لام الجرِّ مرادةٌ، وهي في الواقع للتَّعليل، فالفتح إنَّما هو لأجل أنَّ حرف الجرِّ مطلقًا لا يدخل إلَّا على مفردٍ، ففُتِحت «إنَّ» من حيث دخول اللَّام باعتبار كونها حرف جرٍّ، لا باعتبار كونها للتَّعليل، ولا بدَّ، ألا ترى أنَّ حرف الجرِّ المقدَّر لو لم يكن للتَّعليل أصلًا لكانت «أنَّ» مفتوحةً، ثمَّ ليس كلُّ حرفٍ دلَّ على التَّعليل تُفتَح «أنَّ» معه، وإنَّما قدَّر ابنُ مالكٍ الفاء مع الكسر ليأتي بحرفٍ دالٍّ على السَّببيَّة، ولا يدخل إلَّا على الجمل(10)، فيلزم كسر «أن» بعده، ولا شكَّ أنَّ الفاء الموضوعة للسَّببيَّة كذلك، أي: تختصُّ بالجمل. انتهى. وقوله في «فتح الباري»: _ولم يُقرَأ هنا إلَّا بالكسر، وإن جاء(11) الفتح في العربيَّة_ فيه شيءٌ، فقد وجدت الفتح في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة، وليس للحصر(12) وجهٌ، فليُتأمَّل. (فَقَالَ ◙ ) وفي نسخةٍ: ”فقال صلعم “ : (اسْقِ يَا زُبَيْرُ) بهمزة وصلٍ (ثُمَّ يَبْلُغُ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”حتَّى يبلغ“ (المَاءُ الجَدْرَ) وسقط لأبوي ذرٍّ والوقت(13) لفظ «الماء» (ثُمَّ أَمْسِكْ) بهمزة قطعٍ، أي: نفسك عن السَّقي (فَقَالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”قال“ (الزُّبَيْرُ: فَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء:65]) وتأتي صفة إرسال الماء من الأعلى‼ إلى الأسفل في الباب اللَّاحق إن شاء الله تعالى [خ¦2362].


[1] «أنَّه»: ليس في (د).
[2] «والكسر»: ليس في (د).
[3] «ما»: ليس في (س)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] في (د): «وجاز».
[5] في (د): «قُدِّرت».
[6] «ما»: مثبتٌ من (د).
[7] في (د): «من لم يفهم»، و«لم»: سقط من (م).
[8] «في»: ليس في (ص).
[9] «في»: ليس في (ص).
[10] في (د1) و(م): «الجملة».
[11] في (د): «جاز».
[12] زيد في (د): «فيه».
[13] في (د) و(م): «وسقط لأبي ذرٍّ»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».