إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فانطلقا فوجدا جدارًا يريد أن ينقض

          2267- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بن يزيد الفرَّاء الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) أبو عبد الرَّحمن قاضي اليمن (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ) أي: ابن هرمز (وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ) المكِّيُّ، أبو محمَّدٍ الأثرم الجمحيُّ، كلاهما (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) الأسديِّ الكوفيِّ (_يَزِيدُ أَحَدُهُمَا) أي: يَعْلَى أو عَمْرٌو (عَلَى صَاحِبِهِ_) واستُشكِل قوله: «يزيد أحدهما على صاحبه» فإنَّه يلزم من زيادة أحدهما على صاحبه نوع محالٍ، وهو أن يكون الشَّيء مزيدًا ومزيدًا عليه، وأجاب الكِرمانيُّ: بأنَّه أراد بأحدهما واحدًا مُعيَّنًا منهما، وحينئذٍ فلا إشكال، وإن أراد كلُّ واحدٍ منهما، فمعناه: أنَّه يزيد شيئًا لم يزده الآخر، فهو مزيدٌ باعتبار شيءٍ، ومزيدٌ عليه باعتبار شيءٍ آخر (وَغَيْرُهُمَا) أي: قال ابن جريجٍ: وأخبرني أيضًا غير يَعْلَى وعَمرو‼: (قَالَ) ابن جريجٍ: (قَدْ سَمِعْتُهُ) أي: الغير (يُحَدِّثُهُ) أي: الحديث (عَنْ سَعِيدٍ) هو ابن جُبَيرٍ (قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ : حَدَّثَنِي) بالإفراد (أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ) الأنصاريُّ الخزرجيُّ سيِّد القرَّاء ☺ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) في حديث قصَّة موسى مع الخضر المسوق بتمامه في «التَّفسير» [خ¦4726] وسبق في «كتاب العلم» في «ذهاب موسى في البحر إلى الخضر» [خ¦74]: (فَانْطَلَقَا) موسى والخضر (فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) تدانى أن يسقط، فاستُعِيرت الإرادة للمشارفة (قَالَ سَعِيدٌ) هو ابن جُبَيرٍ: أشار الخضر (بِيَدِهِ) إلى الجدار (هَكَذَا، وَرَفَعَ) أي: الخضر (يَدَيْهِ)(1) بالتَّثنية إلى الجدار ومسحه (فَاسْتَقَامَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”يده“ بالإفراد (قَالَ يَعْلَى) بن مسلمٍ: (حَسِبْتُ أَنَّ(2) سَعِيدًا قَالَ: فَمَسَحَهُ) أي: مسح الخضر الجدار (بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ) وهذا ما زاده يعلى على عمرٍو في ذلك (قَالَ) موسى للخضر: ({لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ}) بتشديد الفوقيَّة وفتح الخاء المعجمة ({أَجْرًا}[الكهف:77]) تحريضًا على أخذ الجعل ليتعشَّيا به، أو تعريضًا بأنَّه فضولٌ، لِمَا في «لو» من النَّفي، كأنَّه لمَّا رأى الحرمان ومساس(3) الحاجة واشتغاله بما لا يعنيه لم يتمالك نفسه (قَالَ سَعِيدٌ) أي: ابن جبيرٍ(4): (أَجْرًا نَأْكُلُهُ) ولأبي ذرٍّ: ”أجرٌ“ بالرَّفع بتقدير: «هو»، وإنَّما يتمُّ الاستدلال بهذه القصَّة لِمَا ترجم له إذا قلنا: إنَّ شرع من قبلنا شرعٌ لنا؛ لقول موسى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الكهف:77] أي: لو شارطت على عمله بأجرةٍ مُعيَّنةٍ لنفعنا ذلك.


[1] في (ص) و(م): «بيديه»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في (ص): «أي»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[3] في (د): «ومسيس».
[4] في (د): «ابن أبي حمزة»، وهو تحريفٌ.