إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قد أذن أن تخرجن في حاجتكن

          147- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولابن عساكر: ”وحدَّثنا“ بالواو، وفي روايةٍ أيضًا: ”حدَّثني“ (زَكَرِيَّا) بن يحيى بن صالحٍ اللُّؤلؤيُّ البلخيُّ الحافظ، المُتوفَّى ببغدادَ سنة ثلاثين ومئتين (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة الكوفيُّ (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ) بعد نزول الحجاب(1): (قَدْ أُذِنَ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول، أي: أذن الله (أَنْ) أي: بأن (تَخْرُجْنَ) أي: بخروجكنَّ (فِي حَاجَتِكُنَّ. قَالَ هِشَامٌ) أي: ابن عروة (تعْنِي) أي: عائشة ♦ بالحاجة، وفي بعض الأصول: ”يعني“ أي: النَّبيُّ صلعم (البَرَازَ) بفتح المُوحَّدة كما مرَّ، قال الدَّاوديُّ: قوله: «قد أُذِنَ أن تخرجن(2)» دالٌّ على أنَّه لم يُرِدْ هنا حجاب البيوت، فإنَّ ذلك‼ وجهٌ آخرُ، إنَّما أراد أن يستترن(3) بالجلبابات(4) حتَّى لا يبدو منهنَّ إلَّا العين. انتهى.
          وهذا الحديث طرفٌ من حديثٍ يأتي _إن شاء الله_ في «التَّفسير» بطوله [خ¦4795] والحاصل منه: أنَّ «سودة» خرجت بعدما ضُرِبَ الحجاب لحاجتها، وكانت عظيمة الجسم، فرآها عمر ☺ فقال: يا سودة، أَمَا والله ما(5) تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين؟ فرجعت فشكت ذلك لرسول(6) الله صلعم وهو يتعشَّى، فأوحى الله تعالى إليه فقال: «إنَّه قد أُذِنَ لكنَّ أن تخرجن لحاجتكنَّ» أي: لضرورة عدم الأخلية في البيوت، فلمَّا اتُّخِذت فيها الكنف(7) منعهنَّ(8) من الخروج إلَّا لضرورةٍ شرعيَّةٍ؛ ولهذا عقَّب المصنِّف ☼ هذا الباب بقوله:


[1] «بعد نزول الحجاب»: سقط من (د).
[2] في غير (ب) و(س) و(ج): «يخرجن».
[3] في (ص): «يسترن».
[4] في (م) و(ج): «بالجلباب».
[5] في غير (م): «لا».
[6] في (ب) و(س): «إلى رسول».
[7] في (ص): «الكنيف».
[8] في (م): «منعن».