إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده

          2072- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بن يزيد التَّميميُّ الفرَّاء الرَّازيُّ(1) الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا عِيسَى بنُ يُونُسَ) الهَمْدانيُّ، وسقط لأبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر «بن يونس» (عَنْ ثَوْرٍ) بالمثلَّثة، ابن يزيد، من الزِّيادة، الكلاعيِّ الحمصيِّ، اتَّفقوا على تثبُّتِهِ في الحديث / ، لكنَّه كان قدريًّا، فأُخرِج من حمص، فأُحرِقت‼ داره بها، فارتحل منها(2) إلى القدس، وقدم المدينة فنهى مالكٌ عن مجالسته، وقال ابن معين: كان يجالس قومًا ينالون من عليٍّ، لكنَّه كان لا يَسُبُّ، وقد احتجَّ به الجماعة، وكان الثَّوريُّ يقول: خذوا عنه (عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ) بفتح الميم وسكون العين المهملة بعدها دالٌ مهملةٌ، وبعد الألف نونٌ، الكلاعيِّ، كان يسبِّح في اليوم أربعين ألف تسبيحةٍ (عَنِ المِقْدَامِ) بكسر الميم وسكون القاف، ابن معد يكرب الكنديِّ ( ☺ عَنْ رَسُولِ اللهِ) ولأبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر: ”عن النَّبيِّ“ ( صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا) وعند الإسماعيليِّ: ”ما أكل أحدٌ من بني آدم طعامًا“ (قَطُّ خَيْرًا) بالنَّصب، قال في «المصابيح»: يحتمل أن يكون صفةً لمصدرٍ محذوفٍ، أي: أكلًا خيرًا (مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) فيكون أكله من طعامٍ ليس من كسب يده منفيَّ التَّفضيلِ على أكله من كسب يده، وهو واضحٌ، ويحتمل أن يكون صِفةً لـ «طعامًا»، فيحتاج إلى تأويلٍ أيضًا، وذلك لأنَّ الطَّعام في هذا التَّركيب مفضَّلٌ على نفس أكل الإنسان من عمل يده بحسب الظَّاهر، وليس المراد، فيقال في تأويله: الحرف المصدريُّ وصلته بمعنى: مصدرٍ مرادٍ به المفعول، أي: من مأكوله من عمل يده، فتأمَّله، وعند الإسماعيليِّ: ”خيرٌ“ بالرَّفع على أنَّه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو خيرٌ، و(3) قوله: «من عمل يده» بالإفراد، وعند الإسماعيليِّ: ”يديه“ بالتَّثنية، ووجه الخيريَّة: ما فيه من إيصال النَّفع إلى الكاسبِ وإلى غيره، وللسَّلامة عن(4) البطالة المؤدِّية إلى الفضول، ولكسر النَّفس به، وللتعفُّف عن ذلِّ(5) السؤال (وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ ◙ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) في الدُّروع من الحديد، ويبيعه لقوته، وخُصَّ داود بالذِّكر لأنَّ اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة؛ لأنَّه كان خليفةً في الأرض، وإنَّما ابتغى الأكل من طريق الأفضل؛ ولهذا أورد النَّبيُّ صلعم قصَّته في مقام الاحتجاج بها على ما قدَّمه من أنَّ خير الكسب عمل اليد، وقد كان نبيُّنا صلعم يأكل من سعيه الذي يكسبه من أموال الكفَّار بالجهاد، وهو أشرف المكاسب على الإطلاق؛ لما فيه من إعلاء كلمة الله، وخذلان كلمة أعدائه، والنَّفع الأُخرويِّ.


[1] في (د): «الغزاريُّ»، وهو غير صحيحٍ.
[2] «منها»: ليس في (د1) و(ص) و(م).
[3] «خيرٌ، و»: ليس في (ص).
[4] في (ص): «من».
[5] في (ج): «عن ذلك».