إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه فإني رأيت هذه الليلة

          2040- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) العبديُّ النَّيسابوريُّ، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: ”عبد الرَّحمن بن بِشْرٍ“ بكسر المُوحَّدة وسكون الشِّين المعجمة، قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيَيْنة (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (عَنْ سُلَيْمَانَ) بن أبي مسلمٍ (الأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) المكِّيِّ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) الخدريِّ(1). (قَالَ سُفْيَانُ) أي: ابن عيينة، وسقط لأبي ذرٍّ «قال سفيان»: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو) بسكون الميم ابن علقمة بن أبي وقَّاصٍ اللَّيثيُّ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: وَأَظُنُّ) وللأَصيليِّ: ”قال سفيان(2): وأظنُّ“ (أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ) بفتح اللَّام وكسر المُوحَّدة عبد الله المدنيَّ (حَدَّثَنَا، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ☺ ) ومُحصَّل هذا: أنَّ سفيان رواه عن ثلاثةٍ: ابن جريجٍ ومحمَّد بن عمروٍ وابن أبي لبيدٍ، وقد أخرجه أحمد عن سفيان، ولم يقل: وأظنُّ، ولفظه: قال: حدَّثنا محمَّد بن عمروٍ عن أبي سلمة، وابن أبي لبيدٍ عن أبي سلمة: سمعت أبا سعيدٍ ☺ (قَالَ: اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم العَشْرَ الأَوْسَطَ) من رمضان (فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ) منه (نَقَلْنَا مَتَاعَنَا) فيه إشعارٌ بأنَّهم اعتكفوا اللَّيالي دون الأيَّام، فيوافق(3) التَّرجمة، لكن حمله المُهلَّب على نقل أثقالهم وما يحتاجون إليه من آلة الأكل وغيرها؛ إذ لا حاجة لهم فيها ذلك اليوم‼، فإذا كان المساء خرجوا خفافًا، قال: ولذلك قال: «نقلنا متاعنا»، ولم يقل: «خرجنا»، وقد سبق في «باب تحرِّي ليلة القدر» [خ¦2018] من وجهٍ آخر، فإذا كان حين يُمسي من عشرين ليلةً، ويستقبل إحدى وعشرين رجع ╕ ، وبذلك يُجمَع بين الطَّريقين، فإنَّ القصَّة واحدةٌ والحديث واحدٌ، وهو حديث أبي سعيدٍ (فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلعم قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ : (مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ) معي (فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ) بفتح الكاف (فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ) بفتح الكاف (وَهَاجَتِ) ولأبي ذرٍّ: ”قال: وهاجت“ (السَّمَاءُ) طلعت السُّحب (فَمُطِرْنَا) بضمِّ الميم (فَوَالَّذِي بَعَثَهُ) ╕ (بِالحَقِّ؛ لَقَدْ هَاجَتِ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَكَانَ المَسْجِدُ) أي: سقفه (عَرِيشًا) أي: مُظلَّلًا بجريدٍ؛ يريد: أنَّه لم يكن له سقفٌ يُكِنُّ النَّاس من المطر (فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ) أي: طرف أنفه، وجمع بينهما؛ تأكيدًا، أو على أنَّ المراد بالأوَّل: وسطه، والثَّاني: طرفه (أَثَرَ المَاءِ وَالطِّينِ).


[1] زيد في (ب) و(س): «ح».
[2] عزاها في اليونينية إلى رواية ابن عساكر، فلعلَّ الرمز اشتبه على القسطلاني.
[3] في (م): «فوافق».