إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان رسول الله يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه

          1972- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن يحيى القرشيُّ العامريُّ الأُوَيسيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) هو ابن أبي كثيرٍ المدنيُّ (عَنْ حُمَيْدٍ) الطَّويل (أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا ☺ يَقُولُ‼: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَُ مِنْهُ) بفتح همزة «أَنْ» ونَصْبِ «يصومَُ» ورفْعِه لأنَّ «أن» إمَّا ناصبةٌ و«لا» نافيةٌ، وإمَّا مفسِّرةٌ و«لا» ناهيةٌ، و«نظنَّ» بنون الجمع؛ كما في(1) «اليونينيَّة»، وزاد في «فتح الباري»: «يُظَنَّ» بالمُثنَّاة التَّحتيَّة المضمومة وفتح المعجمة مبنيًّا للمفعول، و: «تظنَّ» بالمثنَّاة الفوقيَّة على المخاطبة، قال: ويؤيِّده قوله بعد ذلك: «إلَّا رأيـتُـَه»، فإنَّه رُوِي بالضَّمِّ والفتح معًا (وَيَصُومُ) من الشَّهر (حَتَّى نَظُنَّ أَنْ(2) لَا يُفْطِرَُ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْـتُـَهُ) أي: مصلِّيًا (وَلَا) تشاء تراه من اللَّيل (نَائِمًا إِلَّا رَأَيْـتُـَهُ) أي: نائمًا؛ يعني: أنَّه كان تارةً يقوم من أوَّل اللَّيل، وتارةً من وسطه، وتارةً من آخره، كما كان يصوم تارةً من أوَّل الشَّهر، وتارةً من وسطه، وتارةً من آخره(3)، فكان من أراد أن يراه في وقتٍ من أوقات اللَّيل قائمًا أو في وقتٍ من أوقات الشَّهر صائمًا، فراقبه المرَّة بعد المرَّة فلا بدَّ أن يصادفه قائمًا أو صائمًا على وفق ما أراد أن يراه، وليس المراد: أنَّه كان يسرد الصَّوم، ولا أنَّه كان يستوعب اللَّيل قيامًا(4)، وأمَّا قول عائشة [خ¦1970]: «وكان إذا صلَّى صلاةً داوم عليها» فالمراد به ما اتَّخذه راتبًا، لا مُطلَق النَّافلة، فلا تعارض، قاله في «فتح الباري».
          (وَقَالَ) وسقطت الواو في رواية أبي الوقت (سُلَيْمَانُ) بن حيَّان الأحمر، ممَّا وصله المؤلِّف في الباب [خ¦1973] (عَنْ حُمَيْدٍ) الطَّويل: (أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِي الصَّوْمِ).


[1] زيد في (م): «فرع».
[2] في (د): «تظنَّ أنَّه»، والمثبت موافق لما في «اليونينية».
[3] قوله: «كما كان يصوم تارةً من أوَّل الشَّهر، وتارةً من وسطه، وتارةً من آخره» ليس في (ب).
[4] في غير (د1) و(م): «قائمًا»، والمثبت موافق لما في «الفتح».