إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله

          123- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ) ابن أبي شيبة (قَالَ: أَخْبَرَني(1)) بالإفراد، وفي رواية (5 س ص ط)(2): ”حدَّثنا“ (جَرِيرٌ) هو ابن عبد الحميد (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابن المعتمر (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) هو شقيق بن سلمة (عَنْ أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيسٍ الأشعريِّ ☺ أنَّه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا القِتَالُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟) مبتدأٌ، وخبره وقع مقول القول (فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا) نصبُ مفعولٍ له، والغضب: حالةٌ تحصل عند غليان الدَّم في القلب لإرادة الانتقام (وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً) نَصْبُ(3) مفعولٍ له أيضًا؛ وهو بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد المُثنَّاة التَّحتيَّة؛ وهي: الأَنَفة من الشَّيء أو(4) المحافظة على الحُرَم (فَرَفَعَ) رسول الله صلعم (إِلَيْهِ) أي: إلى(5) السَّائل (رَأْسَهُ) الشَّريف(6) (قَالَ) أبو موسى أو مَن دونه: (وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ) أي: السَّائل (كَانَ قَائِمًا) أي: ما رفع لأمرٍ من الأمور إلَّا لقيام الرَّجل، فإنَّ واسمها وخبرها في تقدير المصدر، وفيه: جوازُ وقوف المستفتي لعذرٍ أو لحاجةٍ (فَقَالَ) صلعم : (مَنْ قَاتَلَ) بمُقتضَى القوَّة العقليَّة (لِتَكُونَ) أي: لأن تكون (كَلِمَةُ اللهِ) أي: دعوته إلى الإسلام / ، أو كلمة الإخلاص (هِيَ العُلْيَا) لا من قاتل عن مُقتضَى القوَّة الغضبيَّة أوِ(7) الشَّهوانيَّة (فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ ╡ ) ويدخل فيه: من قاتل لطلب الثَّواب ورضا الله، فإنَّه من إعلاء كلمة الله، وقد جمع هذا الجواب معنى السُّؤال لا بلفظه لأنَّ الغضب والحَمِيَّة قد يكونان لله تعالى أو لغرض الدُّنيا، فأجاب ╕ بالمعنى مُختَصَرًا؛ إذ لو ذهب‼ يقسِّم وجوه الغضب لطال ذلك، ولَخُشِيَ أن يُلبَس عليه، فإن قلت: السُّؤال على ماهيَّة القتال، والجواب ليس عنها بل عن المقاتل، أُجِيب: بأنَّ فيه الجواب وزيادةً، أو أنَّ القتال بمعنى اسم الفاعل، أي: المقاتل، بقرينة لفظ: «فإنَّ أحدنا»، ويكون عبَّر بـ «ما» عنِ العاقل(8)، والله أعلم.


[1] في (م): «أخبرنا»، وكذا في «اليونينيَّة»، وليس فيها: «بالإفراد».
[2] قوله: «5 س ص ط» مثبتٌ من (د) و(ص)، وفي (ج): «الأربعة»، وهم: أبو ذر وابن عساكر والأصيلي والسمعاني عن أبي الوقت.
[3] في (ص): «منصوب».
[4] في (ص): «و».
[5] «إلى»: مثبت من (ب) و(س)، وفي (م): «لي».
[6] في غير (ب) و(س): «الشريفة»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[7] في (م): «و».
[8] في (ص): «الفاعل».