إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله نحر قبل أن يحلق

          1811- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ) هو ابن غيلان المروزيُّ العدويُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن همَّامٍ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير بن العوَّام (عَنِ المِسْوَرِ) بكسر الميم وفتح الواو بينهما سينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، ابن(1) مخرمة بن نوفلٍ القرشيِّ الزُّهريِّ، له ولأبيه صحبةٌ ( ☺ ) وعن أبيه (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَحَرَ) الهدي بالحديبية (قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ) الذين كانوا معه (بِذَلِكَ) قال في «الفتح»: ولم يتعرَّض المصنِّف لما يجب على من حلق قبل أن ينحر، وقد روى ابن أبي شيبة: من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: عليه دمٌ، قال إبراهيم: حدَّثني سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ مثله، فإن قلت: قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة:196] يقتضي تأخُّر الحلق عن النَّحر، فكيف يكون متقدِّمًا؟ أُجيب بأنَّ ذلك في غير الإحصار، أمَّا نحر هدي المحصر فحيث أُحصِر وهناك قد بلغ محلَّه، فقد ثبت أنَّه ╕ ‼ تحلَّل بالحديبية ونحر بها بعد الحلق، وهي من الحلِّ لا من الحرم.
          وفي الحديث: أنَّ المحصر إذا أراد التَّحلُّل يلزمه دمٌ يذبحه، وقال المالكيَّة: لا هدي عليه إذا تحلَّل، وهو مذهب ابن القاسم، وأجاب عن قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة:196]: بأنَّ «أحصر» الرُّباعيَّ في الحصر بالمرض، و«حصر» الثُّلاثيَّ في الحصر بالعدوِّ، قال القاضي: ونَقْلُ بعض أئمَّة اللُّغة يساعدهم. انتهى. والحديث حجَّةٌ عليهم لأنَّه نُقِل فيه حكمٌ وسببٌ، فالسَّبب: الحصر، والحكم: النَّحر، فاقتضى الظَّاهر تعلُّق الحكم بذلك السَّبب، قاله التَّيميُّ، وأمَّا «أحصر» و«حصر» فسبق البحث فيهما قريبًا.


[1] في (م): «عن»، وهو تحريفٌ.