إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أحب أن يهل بعمرة فليهل ومن أحب أن يهل

          1786- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) الزَّمن قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) القطَّان قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) عروة بن الزُّبير (قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ♦ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم ) في حجَّة الوداع، حالة كوننا (مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الحَجَّةِ) أي: قرب طلوعه، فقد مرَّ أنَّها قالت [خ¦1709] «خرجنا لخمسٍ بقين من ذي القعدة» والخمس قريبةٌ من آخر الشَّهر، فوافاهم الهلال وهم في الطَّريق (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) وَهُمْ بِسَرِف [خ¦1788] أو بعد الطَّواف [خ¦1568] كما مرَّ قريبًا: (مَنْ أَحَبَّ) منكم ممَّن لم يكن معه هديٌ / (أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ) يدخلها على الحجِّ (فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ) منكم ممَّن معه هديٌ (أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةِ) يدخلها على العمرة (فَلْيُهِلَّ، وَلَوْلَا أَنِّي) وفي روايةٍ: ”أنَّني“ بزيادة نونٍ ثانيةٍ (أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ) قال في «فتح الباري» _وتبعه العينيُّ_: وفي رواية السَّرخسيِّ: ”لأحللت“ بالحاء المهملة، أي: بحجٍّ(1) (فَمِنْهُمْ) أي: من الصَّحابة (مَنْ) كان (أَهَلَّ) من الميقات (بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مِنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ) ومنهم من قرن، قالت عائشة ♦ : (وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ) الذي رواه الأكثرون عنها: أنَّها أحرمت أوَّلًا بالحجِّ، فتُحمَل رواية عروة على آخر أمرها (فَحِضْتُ) بسرف (قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي) أي: قَرُبَ منِّي(2) (يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) يوم التَّروية كما في «مسلمٍ»، ولأبي ذرٍّ: ”فشكوت ذلك إلى رسول الله صلعم “ (فَقَالَ: دَعِي عُمْرَتَكِ) أي: أعمالها (وَانْقُضِي رَأْسَكِ) بحلِّ ضفائر شعره (وَامْتَشِطِي) سرِّحيه بالمشط (وَأَهِلِّي) يوم التَّروية (بِالحَجِّ) قالت: (فَفَعَلْتُ) ما أمرني به ╕ .
          (فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَهَا) فيه التفاتٌ لأنَّ الأصل أن يُقال: فأردفني، أي: أركبها خلفه على الرَّاحلة (فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ) من التَّنعيم (مَكَانَ عُمْرَتِهَا) التي أرادت أن تكون منفردةً عن حجَّتها(3) (فَقَضَى اللهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا صَوْمٌ) وهذا الكلام مُدرَجٌ من قول هشامٍ كما مرَّ في «الحيض» [خ¦317] ولعلَّه نفى ذلك بحسب علمه، ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر، وحال عائشة لا يخلو‼ من أمرين: إمَّا أن تكون قارنةً، أو متمتِّعةً، وعليهما فلا بدَّ من الهدي، وقد ثبت أنَّها روت [خ¦294]: أنَّه صلعم ضحَّى عن نسائه بالبقر، وفي «مسلمٍ»: أنَّه أهدى عنها، فيحتمل أن يكون قوله: لم يكن في ذلك هديٌ، أي: لم تتكلَّف له، بل قام(4) به عنها، وحمله ابن خزيمة: على أنَّه ليس في تركها لعمل العمرة الأولى وإدراجها لها في الحجِّ، ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التَّنعيم أيضًا شيءٌ، قال في «فتح الباري»: وهو حسنٌ، والله أعلم(5).


[1] قوله: « قال في فتح الباري... بالحاء المهملة؛ أي: بحجٍّ» سقط من (د).
[2] «منِّي»: ليس في (د).
[3] في (د): «حجِّها».
[4] في (ص): «لم تتكلَّف؛ لدليل».
[5] «والله أعلم»: ليس في (ص) و(م).