إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان رسول الله يؤتى بالتمر عند صرام النخل

          1485- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ) بفتح السِّين المهملة، المعروف بابن التَّلِّ؛ بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وتشديد اللَّام، قال النَّسائيُّ وأبو حاتمٍ: صدوقٌ، ووثَّقه الدَّارقطنيُّ وغيره، وقال ابن حبَّان: في حديثه إذا حدَّث بعض المناكير، وضعَّف يعقوب الفسويُّ(1) أباه محمَّدًا، وقال العقيليُّ: لا يُتابَع، وقال ابن عديٍّ: لم أر بحديثه بأسًا، لكنَّ الذي رواه البخاريُّ عن(2) عمر عن أبيه حديثان: أحدهما هذا وهو عنده بمتابعة شعبة عن محمَّد بن زيادٍ؛ يعني: في «باب ما يُذكَر في الصَّدقة للنَّبيِّ صلعم » [خ¦1491] والحديث الثَّاني في «المناقب» [خ¦3816] عن حفص بن غياثٍ عن هشامٍ عن أبيه عن عائشة: ما غِرْتُ على امرأةٍ، وهو عنده بمتابعة حُميد بن عبد الرَّحمن واللَّيث وغيرهما، عن هشامٍ. وروى له أبو داود والنَّسائيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) محمَّد بن الحسن قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ) بفتح الطَّاء وسكون الهاء (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ) بكسر الزَّاي وتخفيف الياء (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ) أي: قطع التَّمر منه(3) (فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ) «من» بيانيَّةٌ، وعبَّر في الأولى: «بتمره»‼ بالمُوحَّدة، قال الكِرمانيُّ: لأنَّ في الأوَّل: ذكر المجيء به، وفي الثَّاني: المجيء منه، وهما متلازمان وإن تغايرا مفهومًا (حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ) بفتح الكاف_ولأبي ذرٍّ بضمِّها_(4) وسكون الواو، والنَّصب خبر «يصير»، واسمها ضميرٌ عائدٌ إلى التَّمر، أي: حتَّى يصير التَّمر عنده كومًا، وهو ما اجتمع كالعَرَمَة، ولأبي ذرٍّ أيضًا: ”كَوْمٌ“ بالرَّفع، اسم «يصير» على أنَّها تامَّةٌ فلا تحتاج إلى خبرٍ، وقال في «المصابيح»: الخبر «عنده»، و«من» في قوله: «من تمرٍ» للبيان (فَجَعَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ) ابنا فاطمة ( ☻ ) وعنها (يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا) وهو الحَسن، بفتح الحَاء (تَمْرَةً فَجَعَلَه) أي: المأخوذ، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”فجعلها“ أيَّ: التَّمرة (فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلعم فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ) ╕ : (أَمَا عَلِمْتَ) بهمزة الاستفهام، وفي / بعض النُّسخ: ”ما علمت“ بحذفها، قال ابن مالكٍ: وقد كثر حذف الهمزة إذا كان معنى ما حُذِفت منه لا يستقيم إلَّا بتقديرها، وذكر مثلًا. قال في «المصابيح»: وقد وقع في كلام سيبويه ما يقتضي أنَّ حذفها من الضَّرائر، وذلك أنَّه قال: وزعم الخليل أنَّ قول الأخطل:
كَذَبَتْكَ عينُك أمْ رأيتَ بواسطٍ(5)                     غَلَسَ الظَّلام من الرَّباب خيالًا
          كقوله: إنَّها لإبلٌ أم شاءٌ، ويجوز في الشِّعر أن يريد بـ «كذبتك» الاستفهام، وتُحذَف(6) الألف، هذا كلامه. وقال ابن أمِّ قاسم في «الجنى الدَّاني»: المختار اطِّراد حذفها إذا كان بعدها «أم» المتَّصلة؛ لكثرته نظمًا ونثرًا. انتهى (أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ) هم بنو هاشمٍ وبنو المطَّلب عند الشَّافعيِّ، وعند أبي حنيفة ومالكٍ: بنو هاشمٍ فقط، وقِيلَ: قريشٌ كلُّها، زاد أبو ذرٍّ في نسخةٍ(7) ” صلعم “ (لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ) بالتَّعريف، ولأبي ذرٍّ ”صدقةً“ ، وظاهره يعمُّ الفرض والنَّفل؛ لكنَّ السِّياق يخصُّها بالفرض؛ لأنَّ الذي يحرم على آله إنَّما هو الواجب.
          وفي الحديث: أنَّ الطِّفل يُجنَّب الحرام كالكبير، ويُعرَّف لأيِّ شيءٍ نُهِيَ عنه؛ لينشأ على العلم، فيأتي عليه وقت التَّكليف، وهو على علمٍ من الشَّريعة.


[1] في (د): «النَّسويُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] زيد في (د): «ابن»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (ب) و(س): «عنه».
[4] «ولأبي ذرٍّ: بضمِّها»: جاء في (د) بعد قوله: «وسكون الواو»، وجاء في (م) مع تصرُّفٍ فيه النَّاسخ بعد قوله: «كالعرمة».
[5] في (ص): «بواسطة»، وهو تحريفٌ.
[6] في (ب) و(س): «وحُذِفت».
[7] «في نسخةٍ»: مثبتٌ من (ص).