إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أشراط الساعة أن يقل العلم

          81- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) بضمِّ الميم وفتح السِّين والدَّال المُهمَلَتين، ابن مسرهدٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ شُعْبَةَ) بنِ الحجَّاج (عَنْ قَتَادَةَ) بفتح القاف، ابن دعامة (عَنْ أَنَسٍ) وللأَصيليِّ زيادة(1): ”ابن مالك“ (قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ) بفتح اللَّام، أي: والله لَأحدِّثنَّكم؛ ولذا أُكِّد بالنُّون، وبه صرَّح أبو عَوانة عن هشامٍ عن قتادةَ (حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي) ولـ «مسلمٍ»: «لا يُحدِّث أحدٌ بعدي» بحذف المفعول، وللمؤلِّف من طريق هشامٍ: «لا يُحدِّثكم غيري» [خ¦5577] وحُمِلَ على أنَّه قاله لأهل البصرة، وقد كان هو آخر من مات بها من الصَّحابة: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ) وفي رواية الأَصيليِّ وابن عساكر: ”النَّبيَّ“ ( صلعم ) أي: كلامه حال كونه (يَقُولُ: مِنْ) وللأَصيليِّ وأبي ذَرٍّ: ”إنَّ من“ (أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ) بكسر القاف مِنَ: القِلَّة، وله في «الحدود» [خ¦6808] و«النِّكاح» [خ¦5231]: «أنْ يُرفَع العلم»، وكذا لمسلمٍ، ولا تنافيَ بينهما؛ إمَّا لأنَّ القِلة فيه مُعبَّرٌ بها عن العدم، قال في «الفتح»: وهذا أَلْيَقُ لاتِّحاد المخرج، أو ذلك باعتبار زمانين: مبدأ الاشتراط(2) وانتهائه (وَ) أنْ (يَظْهَرَ الجَهْلُ، وَ) أنْ (يَظْهَرَ الزِّنَى، وَ) أنْ (تَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَ) أنْ (يَقِلَّ الرِّجَالُ) لكثرة القتل بسبب الفتن، وبقلَّتهم(3) مع كثرة النساء يظهر(4) الجهل والزنى ويرفع العلم؛ لأنَّ النِّساء حبائل الشَّيطان (حَتَّى) أي: إلى أنْ (يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ) بالرَّفع صفةُ «القيِّمُ» وهو من يقوم بأمرهنَّ، وقال أبو عبد الله القرطبيُّ في «التَّذكرة»: يحتمل أن يُرَاد بـ «القيِّم» مَنْ يقوم عليهنَّ، سواءٌ كنَّ مَوْطُوءاتٍ أم لا، ويحتمل أن يكون ذلك في الزَّمان الذي لا يبقى فيه من يقول: الله الله، فيتزوَّج الواحد بغير عددٍ جهلًا بالحكم الشَّرعيِّ، وقال: «القيِّم» بـ «ال»(5) إشعارًا بما هو معهودٌ من كون الرِّجال قوَّامين على النِّساء، وهلِ المُرَاد من قوله: «خمسين امرأةً» حقيقة العدد أو المجاز عن الكثرة؟ ويؤيِّد الثَّاني ما في حديث أبي موسى [خ¦1414]: «ويرى الرَّجل الواحد يتَّبعه أربعون امرأةً».


[1] «زيادة»: سقط من (س) و(ص).
[2] في (س): «مبدأ الأشراط وانتهائها»، وفي (م): «الأشراط».
[3] في (ص): «بقتلهم».
[4] في (م): «ويظهر».
[5] في (ص): «بأن»، وهو خطأٌ.