إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة

          1435- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) بفتح الجيم، ابن عبد الحميد (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) بالهمزة(1)، شقيق بن سلمة (عَنْ حُذَيْفَةَ) ابن اليمان ( ☺ قَالَ: قَالَ عُمَرُ ☺ : أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلعم عَنِ الفِتْنَةِ؟ قَالَ) حذيفة: (قُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ) ╕ (قَالَ) عمر ☺ : (إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ) بفتح الجيم والمدِّ، خبر «إنَّ»، واللَّام للتَّأكيد، من الجُرْأَة، وهي الإقدام على الشَّيء، قال ابن بطَّالٍ: أي: إنَّك كثير السُّؤال عن الفتنة في أيَّامه صلعم ، فأنت اليوم جريءٌ على ذكره عالمٌ به (فَكَيْفَ) قَالَ صلعم (2)؟ (قَالَ) حذيفة: (قُلْتُ): هي (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ) ممَّا يعرض له معهنَّ من سوءٍ، أو حزنٍ أو غير ذلك ممَّا لم يبلغ كبيرةً (وَوَلَدِهِ) بالاشتغال به من فرط المحبَّة عن كثيرٍ من الخيرات (وَجَارِهِ) بأن يتمنَّى مثل حاله إن كان متَّسِعًا، كلُّ ذلك (تُكَفِّرُهُ(3) الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالمَعْرُوفُ، قَالَ سُلَيْمَانُ) بن مهران الأعمش: (قَدْ كَانَ) أبو وائلٍ (يَقُولُ) في بعض الأحيان: (الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ) بدل قوله: «والمعروف» (قَالَ) عمر لحذيفة ☻ : (لَيْسَ هَذِهِ) الفتنة (أُرِيدُ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ) الفتنة (الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قَالَ) حذيفة: (قُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا) وللأربعة ”منها“ أي: من الفتنة (يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بَأْسٌ) بالرَّفع، اسم «ليس» أي: ليس عليك منها شدَّةٌ (بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ، قَالَ) عمر ☺ : (فَيُكْسَرُ) هذا (البَابُ أَوْ) وللحَمُّويي والمُستملي: ”أم“ (يُفْتَحُ؟ قَالَ) حذيفة: (قُلْتُ: لَا(4)، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ) عمر: (فَإِنَّهُ) أي: الباب (إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا) أشار به عمر إلى أنَّه إذا قُتِل ظهرت الفتن، فلا تسكن إلى يوم القيامة، وكان كما قال؛ لأنَّه كان سدًّا وبابًا دون الفتنة، فلمَّا قُتِل كثرت الفتنة، وعلم عمر أنَّه الباب (قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ) أي: نعم (قال) شقيقٌ: (فَهِبْنَا) بكسر الهاء، أي: خفنا (أَنْ نَسْأَلَهُ) أي: أن(5) نسأل حذيفة، وكان مهيبًا: (مَنِ البَابُ؟) أي: من(6) المراد بالباب؟ (فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ) لأنَّه كان أجرأ على سؤاله؛ لكثرة علمه وعلوِّ منزلته (قَالَ: فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:) الباب (عُمَرُ ☺ ، قَالَ) شقيقٌ: (قُلْنَا: فَعَلِمَ) أي: أفعلم (عُمَرُ مَنْ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً) اسم «أنَّ»، و«دون» خبرها مُقدَّمٌ، أي: كما يعلم أنَّ اللَّيلة أقرب من الغد، ثمَّ علَّل‼ ذلك بقوله: (وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ) أي: عمر (حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ) لا شبهة فيه.
          وقد سبق هذا الحديث في أوائل «الصَّلاة» في «باب الصَّلاة كفَّارةٌ» [خ¦525].


[1] في (د): «بالهمز».
[2] «قال صلعم »: مثبت في (ص) و(م).
[3] في (د) و(م): «تكفِّرها».
[4] «لا»: ليس في (م).
[5] «أن»: مثبتٌ من (ص).
[6] في (د): «ما».