إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته

          1411- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بن أبي إياسٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ) بفتح الميم والمُوحَّدة بينهما عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، الجَدَليُّ _بالجيم والدَّال المُهمَلة المفتوحتين_ الكوفيُّ القاصُّ _بالقاف والصَّاد المهملة المُشدَّدة_ العابد (قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ ابْنَ وَهْبٍ) بالحاء المهملة والمُثلَّثة، و«وَهْبٍ» بفتح الواو وسكون الهاء، الخزاعيَّ أخا عبد الله بن عمر بن الخطَّاب لأمِّه ☺ (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: تَصَدَّقُوا؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ) فيه (بِصَدَقَتِهِ) جملةُ «يمشي» في محلِّ رفعٍ على أنَّها صفةٌ لـ «زمانٌ»، والعائد محذوفٌ، أي: فيه (فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا، يَقُولُ الرَّجُلُ) الذي يريد المتصدِّق أن يعطيه الصَّدقة: (لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ) حيث كنت محتاجًا إليها (لَقَبِلْتُهَا، فَأَمَّا اليَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا) وللمُستملي والحَمُّويي: ”فيها“ ، وفي الحديث: الحثُّ على الصَّدقة والإسراع بها.
          فإن قلت: إنَّ الحديث خرج مخرج التَّهديد على تأخير الصَّدقة، فما وجه التَّهديد فيه مع أنَّ الذي لا يجد من يقبل صدقته قد فعل(1) ما في وسعه، كما فعل الواجد لمن قبل صدقته؟ والجواب: أنَّ التَّهديد مصروفٌ لمن أخَّرها عن مستحقِّها ومطله بها، حتَّى استغنى ذلك الفقير المستحقُّ، فغِنى الفقيرِ لا يخلِّص ذمَّة الغنيِّ المماطل في وقت الحاجة، قاله ابن المُنيِّر.
          وهذا الحديث من الرُّباعيَّات، ورواته عسقلانيٌّ وواسطيٌّ وكوفيٌّ، وفيه التَّحديث والسَّماع والقول، وأخرجه المؤلِّف أيضًا(2) وفي «الفتن» [خ¦7120]، ومسلمٌ في «الزَّكاة».


[1] في (د): «عمل».
[2] بياضٌ في النُّسخ، والظَّاهر أنَّه في «باب الصَّدقة باليمين» [خ¦1424].