إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من تبع جنازةً فله قيراط

          1323- 1324- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ) بفتح الجيم في الأوَّل، وبالحاء المهملة والزَّاي في الثَّاني (قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا) مولى ابن عمر (يَقُولُ: حُدِّثَ ابْنُ عُمَرَ) بن الخطَّاب، بضمِّ الحاء المهملة وكسر الدَّال: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ♥ (1) يَقُولُ) ووقع في «مسلمٍ» تسميةُ من حدَّث ابنَ عمر بذلك عن أبي هريرة، ولفظه من طريق داود بن عامر بن سعدٍ عن أبيه: أنَّه كان قاعدًا عند عبد الله بن عمر إذ طلع خبَّاب صاحب المقصورة، فقال: يا عبد الله بن عمر، ألا تسمع ما يقول أبو هريرة...؟ فذكره موقوفًا(2)، لم يذكر النَّبيَّ صلعم كما هنا، وهو كذلك في جميع الطُّرق، لكن رواه أبو عَوانة في «صحيحه» فقال: قيل لابن عمر: إنَّ أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلعم يقول(3): (مَنْ تَبِعَ(4) جَنَازَةً) وصلَّى عليها (فَلَهُ قِيرَاطٌ) من الأجر المتعلِّق بالميِّت من تجهيزه وغسله ودفنه والتَّعزية به وحمل الطَّعام إلى أهله، وجميع ما يتعلَّق به، وليس المراد جنس الأجر لأنَّه يدخل‼ فيه ثواب الإيمان والأعمال كالصَّلاة والحجِّ وغيره، وليس في صلاة الجنازة ما يبلغ ذلك، وحينئذٍ فلم يبقَ إلَّا أن يرجع إلى المعهود، وهو الأجر العائد على الميِّت، قاله أبو الوفاء بن عَقِيلٍ، ويؤيِّده / حديث أبي هريرة: «من أتى جنازةً في أهلها فله قيراطٌ، فإن تبعها فله قيراطٌ، فإن صلَّى عليها فله قيراطٌ، فإن انتظرها حتَّى تدفن فله قيراطٌ» رواه البزَّار بسندٍ ضعيفٍ(5)، قال في «الفتح»: فهذا يدلُّ على أنَّ لكلِّ عملٍ من أعمال الجنازة قيراطًا وإن اختلفت مقادير القراريط، ولا سيما بالنِّسبة إلى مشقَّة ذلك العمل وسهولته، ومقدارُ القيراطِ ومبحثه يأتي إن شاء الله تعالى في الباب التَّالي [خ¦1325] (فَقَالَ) ابن عمر ☻ : (أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا) لم يتَّهمه ابن عمر بأنَّه روى ما لم(6) يسمع، بل جوَّز عليه السَّهو والاشتباه لكثرة رواياته، أو قال ذلك لأنَّه لم يرفعه، فظنَّ ابن عمر أنَّه قاله(7) برأيه اجتهادًا، فأرسل ابن عمر إلى عائشة يسألها عن ذلك. (فَصَدَّقَتْ _يَعْنِي: عَائِشَةَ_ أَبَا هُرَيْرَةَ) وللمُستملي وأبي الوقت: ”بقول أبي هريرة“ (وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُهُ) الضَّمير المستتر للنَّبيِّ صلعم ، والبارز للحديث، أي: يقول رسولُ الله صلعم ذلك (فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ ☻ : لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ) أي: في عدم المواظبة على حضور الدَّفن، كما وقع مبيَّنًا في حديث(8) مسلمٍ، ولفظه: كان ابن عمر يصلِّي على الجنازة ثمَّ ينصرف، فلمَّا بلغه حديث أبي هريرة قال: فذكره، قال المؤلِّف مفسِّرًا لقوله: لقد فرَّطنا (فَرَّطْتُ: ضَيَّعْتُ مِنْ أَمْرِ اللهِ).
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا [خ¦1325] ومسلمٌ والنَّسائيُّ وابن ماجه وأبو داود.


[1] في (د): «عنه».
[2] كذا قال القسطلاني، ولفظ مسلم (945) صريح في الرفع: «ألا تسمع ما يقول أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلعم يقول:... الحديث».
[3] «يقول»: ليس في (م).
[4] في غير (د) و(م): «اتَّبع».
[5] «رواه البزَّار بسندٍ ضعيفٍ»: سقط من (ص) و(م).
[6] في (د): «لا».
[7] في (م): «قال».
[8] «حديث»: ليس في (ص).