إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم

          1316- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ (قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) المقبريُّ (عَنْ أَبِيهِ) كيسان (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ) سعد بن مالكٍ (الخُدْرِيَّ ☺ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَقُولُ: إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ) أي: الميِّت في النَّعش، وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود الطَّيالسيُّ: إذا وضع الميِّت على سريره (فَاحْتَمَلَهَا) أي: الجنازة (الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ) حقيقةً بلسان القال بحروفٍ وأصواتٍ يخلقها الله تعالى فيها: (قَدِّمُونِي) لثواب عملي الصَّالح الَّذي قدَّمته (وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ) وللحَمُّويي والمُستملي: ”وإن كانت غيرَ ذلك“ (قَالَتْ لأَهْلِهَا) أي: لأجل أهلها إظهارًا لوقوعها في الهلكة: (يَا وَيْلَهَا) لأنَّ كلَّ من وقع في هلكةٍ دعا بالويل (أَيْنَ يَذْهَبُونَ(1)) بالتَّحتيَّة في «اليونينيَّة»(2) (بِهَا؟) بضمير(3) الغائب، وكان الأصل أن يقول: بي، فَعَدَل عنه كراهية(4) أن يضيف الويل إلى نفسه، نعم في رواية أبي هريرة المذكورة: «قالت(5): يا ويلتاه أين(6) تذهبون بي؟» فظهر أنَّ ذلك من تصرُّف الرَّاوي (يَسْمَعُ صَوْتَهَا) المنكر (كُلُّ شَيْءٍ) من الحيوان (إِلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ) صوتها بالويل المزعج (لَصَعِقَ) لغُشِيَ(7) عليه، أو يموت من شدَّة هول ذلك، وهذا في غير الصَّالح؛ لأنَّ الصَّالح من شأنه اللُّطف والرِّفق في كلامه، فلا يناسب الصَّعق من سماع كلامه، نعم يحتمل حصوله من سماع كلام الصَّالح؛ لكونه غير مألوفٍ، وقد روى هذا الحديثَ ابن منده في «كتاب الأهوال» بلفظ: «لو سمعه الإنسان لصعق مِن المحسن والمسيء»، قال في «الفتح»: فإن كان المراد‼ به المفعول؛ دلَّ على وجود الصَّعق عند سماع كلام الصَّالح أيضًا، وهذا الحديث تقدَّم قريبًا [خ¦1314].


[1] في (ص) و(م): «تذهبون».
[2] «بالتحتيَّة في اليونينيَّةِ»: سقط من (م).
[3] زيد في (د): «التَّأنيث».
[4] في (د) و(م): «كراهة».
[5] «قالت»: سقط من (م).
[6] في (م): «ويلتا، وأين».
[7] في (د): «يُغشَى».