إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحةً فخير تقدمونها

          1315- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (قَالَ: حَفِظْنَاهُ) أي: الحديث الآتي (مِنَ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ، وللمُستملي: ”عن الزُّهريِّ“ بدلُ «مِنْ»، والأوَّل أَولى؛ لأنَّه يقتضي سماعه منه، بخلاف رواية المُستملي، وقد صرَّح الحُميديُّ في «مسنده» بسماع سفيان له من الزُّهريِّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ‼، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ) إسراعًا خفيفًا بين المشي المعتاد والخَبَب؛ لأنَّ ما فوق ذلك يؤدِّي إلى انقطاع الضُّعفاء، ومشقَّة الحامل، فيُكرَه، وهذا إن لم يضرَّه الإسراع، فإن ضرَّه فالتَّأنِّي أفضل، فإن خيف عليه تغيُّرٌ أو انفجارٌ أو انتفاخٌ؛ زيد في الإسراع (فَإِنْ تَكُ) أي: الجنازة (صَالِحَةً) نصبٌ خبر «كان» (فَخَيْرٌ) أي: فهو خيرٌ، خبر مبتدأ محذوفٍ (تُقَدِّمُونَهَا) زاد العينيُّ كابن(1) حجرٍ: «إليه» أي: إلى الخير باعتبار الثَّواب، أو الإكرام الحاصل له في قبره، فيُسرَع به ليلقاه قريبًا، وفي «توضيح ابن مالك»: أنَّه رُوِيَ: ”إليها“ بالتَّأنيث، وقال: أنَّث الضَّمير العائد على(2) الخير(3)، وهو مذكَّرٌ، وكان ينبغي أن يقول: فخيرٌ تقدِّمونها(4) إليه، لكن المذكَّر يجوز تأنيثه إذا أُوِّل بمؤنَّثٍ؛ كتأويل الخير الَّذي تُقدَّم إليه النَّفس الصَّالحة بالرَّحمة أو بالحسنى أو بالبشرى(5)، والجارُّ والمجرور _مذكَّرًا ومؤنَّثًا_ ساقطٌ من الفرع كأصله(6) (وَإِنْ تَكُ) الجنازة (سِوَى ذَلِكَ) / أي: غير صالحةٍ (فَشَرٌّ) أي: فهو شرٌّ (تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ) فلا مصلحة لكم في مصاحبتها؛ لأنَّها بعيدةٌ من الرَّحمة.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] في (ص) و(م): «كالحافظ ابن».
[2] في (م): «إلى».
[3] في (د): «الخبر».
[4] في (د): «قدمتموها».
[5] في (د): «البشرى».
[6] «كأصله»: ليس في (م).