إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق الحكم: وجع أبو موسى وجعًا فغشي عليه ورأسه

          1296- (وَقَالَ الحَكَمُ بْنُ مُوسَى) القَنْطريُّ، بفتح القاف وسكون النُّون، البغداديُّ، ممَّا وصله مسلمٌ في «صحيحه»، وكذا ابن حِبَّان، ومثلُ هذا يكون على سبيل المذاكرة لا بقصد التَّحمل، ولأبوي ذرٍّ والوقت _كما في الفرع_: ”حدَّثنا الحَكَم“ لكن قال الحافظ ابن حجرٍ: إنَّه وهمٌ؛ لأنَّ الَّذين جمعوا رجال البخاريِّ في «صحيحه»، أطبقوا على ترك ذكره في شيوخه، فدلَّ على أنَّ الصَّواب رواية الجماعة بصيغة التَّعليق، قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ) قاضي دمشق (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ جَابِرٍ) الأزديِّ، ونسبه إلى جدِّه، واسم أبيه: يزيد: (أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ) بضمِّ الميم وفتح الخاء المعجمة وسكون التَّحتيَّة، وبعد الميم المكسورة راءٌ مهملةٌ، مصغَّرًا، وهو كوفيٌّ سكن البصرة (حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو بُرْدَةَ) بضمِّ الموحَّدة، عامرٌ أو الحارث (بْنُ أَبِي مُوسَى) الأشعريُّ ( ☺ قَالَ): (وَجِعَ) بكسر الجيم، أي: مرض أبي (أَبُو مُوسَى وَجَعًا) بفتح الجيم، زاد ابن عساكر: ”شديدًا“ (فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حُـَـِجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ) بتثليث حاء «حِجْر» كما في «القاموس» أي: حضنها، زاد مسلمٌ: فصاحت، وله من وجهٍ آخر: أُغمي على أبي موسى، فأقبلت امرأته أمُّ عبد الله تصيح برنَّةٍ، وفي النَّسائيِّ: هي أمُّ عبد الله بنت أبي دومة، وفي «تاريخ البصرة» لعمر بن شبَّة: أنَّ اسمها: صفيَّة بنت دمون، وأنَّ ذلك وقع حيث كان أبو موسى أميرًا على البصرة من قِبَل عمر بن الخطَّاب ☺ ، والواو في قوله: «ورأسه» للحال (فَلَمْ يَسْتَطِعْ) أبو / موسى (أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَنَا) وللحَمُّويي والمُستملي: ”إنِّي“ (بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ) ولأبي ذَرٍّ: ”محمَّدٌ“ ( صلعم ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم ‼ بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ) بالصَّاد المهملة والقاف: الرَّافعة صوتها في المصيبة (وَالحَالِقَةِ) التي تحلق شعرها (وَالشَّاقَّةِ) الَّتي تشقُّ ثوبها، وموضع التَّرجمة قوله: «والحالقة» وخصَّها بالذِّكر دون غيرها؛ لكونها أبشع(1) في حقِّ النِّساء، وقوله: «برئ» بكسر الرَّاء، يبرَأ بالفتح، قال القاضي: برئ من فعلهنَّ، أو مما يستوجبن من العقوبة، أو من عهدة ما لزمني من بيانه، وأصل البراءة الانفصال، وليس المراد التبرُّؤ من الدِّين(2) والخروج منه، قال النَّوويُّ: ويحتمل أن يراد به ظاهره، وهو البراءة من فاعل هذه الأمور.


[1] في (د): «أشنع».
[2] في (م): «الذنب».