إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فلم تبكي فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

          1293- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ) محمَّدٌ (قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ قَالَ: جِيءَ بِأَبِي) عبد الله (يَوْمَ) وقعة (أُحُدٍ) حال كونه (قَدْ مُثِّلَ بِهِ) بضمِّ الميم وتشديد(1) المثلَّثة المكسورة، أي: جُدِعَ أنفه وأذنه، أو مذاكيره، أو شيءٌ من أطرافه (حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلعم وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا) بضمِّ السِّين المهملة وتشديد الجيم، و«ثوبًا»‼ نصبٌ بنزع الخافض، أي: غُطِّي بثوبٍ (فَذَهَبْتُ) حال كوني (أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ) الثَّوب، و«أن» مصدرية، أي: أريد كشفه (فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ) الثوب (فَنَهَانِي قَوْمِي، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ) وللكُشْمِيْهَنِيِّ(2): ”فأمر به رسول الله“ ( صلعم فَرُفِعَ) بضمِّ الرَّاء (فَسَمِعَ / صَوْتَ) امرأةٍ (صَائِحَةٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ) المرأة الصَّائحة؟ (فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو) فاطمة (أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو) شكٌّ من سفيان، فإن كانت بنت عمرٍو تكون(3) أخت المقتول عمَّة جابرٍ، وإن كانت أخت عمرٍو، تكون عمة المقتول، وهو عبد الله (قَالَ) ╕ : (فَلِمَ تَبْكِي؟) بكسر اللَّام وفتح الميم، استفهامٌ عن غائبةٍ(4) (أَوْ لَا تَبْكِي) شكٌّ من الرَّاوي، هل استفهم أو نهى؟ (فَمَا زَالَتِ المَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا) وللحَمُّويي والمُستملي: ”تظلُّ بأجنحتها“ (حَتَّى رُفِعَ) فلا ينبغي أن يُبكى عليه مع حصول هذه المنزلة، بل يُفرَح له بما صار إليه.
          ومطابقة هذا الحديث للتَّرجمة السَّابقة في قوله ╕ لمَّا سمع صوت المرأة الصَّائحة: «من هذه؟» لأنَّه إنكارٌ في نفس الأمر وإن لم يُصرِّح به.


[1] في (ص): «تُشدَّد».
[2] في (د): «ولأبي ذرٍّ».
[3] في (ص): «تلك».
[4] في (د): «غايته»، وهو تصحيفٌ.