إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائمًا

          1275- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ) محمَّد المروزيُّ، المجاور بمكَّة، ولأبي ذَرٍّ: «محمَّد بن مقاتلٍ»، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) بسكون العين (عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ) أباه (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ☺ أُتِيَ بِطَعَامٍ) بإسقاط هاء الضَّمير (وَكَانَ) عبد الرَّحمن يومئذٍ (صَائِمًا، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ _وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي_ كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي(1) والمُستملي: ”في برده“ بالضَّمير الرَّاجع إلى مصعب(2) (إِنْ غُطِّيَ) بضمِّ الغين مبنيًّا للمفعول (رَأْسُهُ) بالرَّفع: نائبٌ عن الفاعل (بَدَتْ) ظهرت (رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا) ظهر (رَأْسُهُ) قال المهلَّب وابن بطَّالٍ: وإنَّما استحبَّ(3) أن يكفَّن في هذه البردة؛ لكونه قُتِل فيها، قال ابن حجرٍ: وفي هذا الجزم نظرٌ، بل الظَّاهر: أنَّه لم يجد(4) له غيرها؛ كما هو مقتضى التَّرجمة (وَأُرَاهُ) بضمِّ الهمزة، أي: أظنُّه (قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ) عمُّ النَّبيِّ صلعم (وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي) وروى الحاكم في «مستدركه» من حديث أنسٍ: أنَّ حمزة كُفِّن أيضًا كذلك(5) (ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ _أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا_) شكٌّ من الرَّاوي (وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا) يعني: خفنا أن ندخل في زمرة مَن قيل في حقِّه: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ}[الإسراء:18] يعني: من كانت العاجلة همَّه، ولم يرد غيرها، تفضَّلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد، وقُيِّد المعجَّل والمعجَّل له بالمشيئة والإرادة؛ لأنَّه لا يجد كلُّ متمنٍّ ما يتمنَّاه، ولا كلُّ واحدٍ جميع ما يهواه (ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ) في وقت الإفطار.


[1] في (م): «وللحمُّويي» من غير ذكرٍ لأبي ذر.
[2] في غير (ب) و(س): «لمصعبٍ».
[3] زيد في (د): «النَّبيُّ».
[4] في (س): «يوجد».
[5] في (م): «لذلك»، وليس بصحيحٍ.