إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض

          1264- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ) المروزيُّ المجاور بمكَّة قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) وللأَصيليِّ: ”عبد الله بن المبارك“ قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) قالت(1): (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ) بتخفيف الياء، نسبةً إلى اليمن (بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ) بفتح السِّين وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة، نسبة إلى السَّحول، وهو القصَّار؛ لأنَّه يسحلها، أي: يغسلها، أو إلى سحول قرية باليمن، وقيل: بالضَّمِّ اسمُ القرية(2) أيضًا (مِنْ كُرْسُفٍ) بضمِّ أوَّله وثالثه، أي: قطنٍ، وصحَّح التِّرمذيُّ والحاكم من حديث ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: «البسوا ثياب البيض(3)؛ فإنَّها أطيب وأطهر، وكفِّنوا فيها موتاكم»، وفي «مسلم»: «إذا كَفَّن أحدُكم أخاه؛ فليُحسْن كفنه»، قال النَّوويُّ: المراد بإحسان الكفن بياضه ونظافته، قال البغويُّ: وثوب القطن أَولى، وقال التِّرمذيُّ: وتكفينه صلعم في ثلاثة أثوابٍ بيضٍ أصحُّ ما ورد في كفنه (لَيْسَ فِيهِنَّ) أي: في الثَّلاثة الأثواب، ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”ليس فيها“ (قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) أي: ليس موجودًا أصلًا، بل هي الثَّلاثة فقط، قال النَّوويُّ: وهو ما فسَّره(4) به الشَّافعيُّ والجمهور؛ وهو الصَّواب الَّذي يقتضيه ظاهر الحديث(5)، وهو أكمل الكفن للذَّكر، ويحتمل أن تكون الثَّلاثة الأثواب خارجةً عن القميص والعمامة، فيكون ذلك خمسة، وهو تفسير مالكٍ، ومثله قوله تعالى: {رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}[لقمان:10] يحتمل بلا عمدٍ أصلًا / أو بعمدٍ غير مرئيَّةٍ لهم، ومذهب الشَّافعيَّة(6): جواز زيادة القميص والعمامة على الثَّلاثة من غير استحبابٍ، وقال الحنابلة: إنَّه مكروهٌ.
          ورواة الحديث ما بين مروزيٍّ ومدنيٍّ، وفيه التَّحديث، والإخبار، والعنعنة، والقول، وأخرجه أيضًا في «باب الكفن بغير قميصٍ» [خ¦1271] وفي «باب الكفن بلا عمامةٍ» [خ¦1273]، ومسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] «قالت»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[2] في (ب) و(س): «لقريةٍ».
[3] في (س): «البياض»، كذا في الترمذي.
[4] في (د): «فسَّر».
[5] في (ب) و(س): «الأحاديث».
[6] في (ب) و(س): «الشَّافعيِّ».