إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن من الشجر شجرةً لا يسقط ورقها

          61- وبالسَّند إلى المؤلِّف ☼ قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) زاد في رواية ابن عساكر: ”ابن سعيدٍ“ _وقد مرَّ_ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) المذكور في «باب علامة المنافق» [خ¦33] (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ) السَّابق في «باب أمور الإيمان» [خ¦9] (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☻ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ) أي: من جنسه (شَجَرَةً) بالنَّصب اسم «إنَّ»، وخبرها الجارُّ والمجرور، و«من» للتَّبعيض، وقوله: (لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا) في محلِّ نصبٍ صفةٌ لـ «شجرةً»، وهي صفةٌ سلبيَّةٌ تبيِّن أنَّ موصوفها مُختَصٌّ بها دون غيرها (وَإِنَّهَا مِثْلُ المُسْلِمِ) بكسر الهمزة عطفًا على «إنَّ» الأولى، وبكسر ميم «مِثْل» وسكون المُثلَّثة، كذا في رواية أبي ذَرٍّ، وفي رواية الأَصيليِّ وكريمة: ”مَثَلُ“ بفتحهما كشِبْه وشَبَه لفظًا ومعنًى، واستُعير «المثل» هنا _كاستعارة الأسد للمِقدَام_للحال العجيبة أو الصِّفة الغريبة، كأنَّه قِيل(1): حال المسلم العجيب الشَّأن كحال النَّخلة، أو صفته الغريبة كصفتها، فـ «المسلم» هو المُشبَّه، و«النَّخلة» هي المُشبَّه بها، وقوله: (فَحَدِّثُونِي) فعل أمرٍ، أي: إن عرفتموها فحدِّثوني (مَا هِيَ؟) جملةٌ من مبتدأٍ وخبرٍ سدَّت مسدَّ مفعولي التَّحديث (فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي) أي: جعل كلٌّ منهم يفسِّرها بنوعٍ من الأنواع، وذهلوا عن النَّخلة (قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر بن الخطَّاب ☻ : (وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ) بالرَّفع خبر «أنَّ»، وبفتح الهمزة؛ لأنَّها فاعل «وقع» (فَاسْتَحْيَيْتُ) أن أتكلَّم وعنده أبو بكرٍ وعمر وغيرهما ♥ / هيبةً منه وتوقيرًا لهم (ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا) بكسر الدَّال وسكون المُثلَّثة(2) (مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) صلعم : (هِيَ النَّخْلَةُ) وعند المؤلِّف في «التَّفسير» من طريق نافعٍ عن ابن عمر، قال: كنَّا عند رسول الله صلعم فقال: «أخبروني بشجرةٍ كالرَّجل المسلم، لا يتحاتُّ ورقها ولا ولا ولا» [خ¦4698] ذكر النَّفيَ ثلاث مرَّاتٍ على طريق الاكتفاء، وقد ذكروا في تفسيره: ولا ينقطع ثمرها، ولا يُعدَم فيئها(3)، ولا يبطل نفعها.


[1] في (ب) و(س): «قال».
[2] قوله: «بكسر الدَّال، وسكون المُثلَّثة» سقط من (ص) و(م).
[3] «ولا يُعدَم فيئها»: سقط من (م).