إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: تخلف عنا النبي في سفرة سافرناها فأدركنا

          60- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ) واسمه: محمَّدٌ، وعارمٌ: لَقَبه، السَّدوسيُّ البصريُّ، المُتوفَّى سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وعشرين ومئتين، وسقط عند ابن عساكر والأَصيليِّ وأبي ذَرٍّ «عارم بن الفضل(1)» (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) بفتح العين المُهمَلَة؛ الوضَّاحُ اليشكريُّ (عَنْ أَبِي بِشْرٍ) بكسر المُوحَّدة وسكون المُعجَمَة، جعفر بن إياسٍ اليشكريِّ، عُرِفَ بابن أبي(2) وَحْشِيَّةَ الواسطيِّ الثِّقة، المُتوفَّى سنة أربعٍ وعشرين ومئةٍ (عَنْ يُوسُفَ) بتثليث السِّين المُهمَلَة مع الهمز وتركه (بْنِ مَاهَكَ) بفتح الهاء غير منصرفٍ للعلميَّة والعجمة؛ لأنَّ «ماهَكَ» بالفارسيَّة: تصغير «ماهٍ» وهو «القمر» بالعربيِّ، وقاعدتهم إذا صغَّروا الاسم جعلوا في آخره «الكاف»، وفي رواية الأَصيليِّ: ”ماهِكٍ“ بكسر الهاء والصَّرف لأنَّه لَاحَظ فيه معنى الصِّفة؛ لأنَّ التَّصغير من الصِّفات، والصِّفة لا تجامع العلميَّة لأنَّ بينهما تضادًّا، وحينئذٍ يصير الاسم بعلَّةٍ واحدةٍ، وهي غير مانعةٍ من الصَّرف، ورُوِيَ بكسر الهاء مصروفًا(3)؛ اسم فاعلٍ من: مَهَكْت الشَّيء مَهْكًا إذا بالغت في سحقه، وعلى قول الدَّارقطنيِّ: إنَّ «ماهك» اسمُ أمِّه يتعيَّن عدم صرفه للعلميَّة والتَّأنيث، لكنِ الأكثرون على خلافه، وأنَّ اسمها: مُسيكة ابنة بُهْزٍ؛ بضمِّ المُوحَّدة وسكون الهاء وبالزَّاي، الفارسيِّ المكيِّ، المُتوفَّى سنة ثلاثَ عَشْرَة ومئةٍ، وقِيلَ غير ذلك (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو) أي: ابن العاصي ☻ (قَالَ: تَخَلَّفَ) أي: تأخَّر خلفَنا (النَّبِيُّ) ولأبي ذَرٍّ: ”تخلَّف عنَّا النَّبيُّ“ ( صلعم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا) من مكَّة إلى المدينة كما في «مسلمٍ» (فَأَدْرَكَنَا) النَّبيُّ صلعم ، أي: لَحِقَ بنا؛ وهو بفتح الكاف (وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا) بتأنيث الفعل، أي: غشيتنا (الصَّلَاةُ) بالرَّفع على الفاعليَّة، أي: وقت صلاة العصر كما في «مسلمٍ»، وفي روايةٍ: ”أرهَقْنا“ بالتَّذكير وسكون القاف؛ لأنَّ تأنيث الصَّلاة غير حقيقيٍّ، و«الصَّلاةَ» بالنَّصب على المفعوليَّة، أي: أخَّرناها، وحينئذٍ فـ «نا» ضمير رفعٍ، وفي الرِّواية الأولى: ضمير نصبٍ (وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ): جملةٌ اسميَّةٌ وقعت حالًا (فَجَعَلْنَا) أي: كدنا (نَمْسَحُ) أي: نغسل غسلًا خفيفًا، أي: مبقعًا حتَّى يُرَى كأنَّه مسحٌ (عَلَى أَرْجُلِنَا) جمع رِجْلٍ؛ لمقابلة الجمع، وإلَّا؛ فليس لكلٍّ إلَّا رِجْلان، ولا يُقَال: يلزم أن يكون لكلِّ واحدٍ رِجْلٌ واحدةٌ؛ لأنَّا نقول: المُرَاد جنس الرِّجْل، سواءٌ كانت واحدةً أو اثنتين (فَنَادَى) ╕ (بِأَعْلَى صَوْتِهِ: وَيْلٌ) بالرَّفع على الابتداء؛ وهي كلمة عذابٍ وهلاكٍ (لِلأَعْقَابِ) جمع عقبٍ؛ وهو المستأخّر الذي يمسك شراك النَّعل، أي: ويلٌ لأصحاب الأعقاب المقصِّرين في غسلها، أو «العقب» هي المخصوصة بالعقوبة (مِنَ النَّارِ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) شَكٌّ منِ ابنِ عمرٍو، و«ال» في «الأعقاب» للعهد، والمُرَاد: الأعقاب التي رآها لم يَنَلْهَا المطهِّر، ويحتمل ألَّا يختصَّ بتلك الأعقاب المرئيَّة له، بلِ المُرَادُ كلُّ عقبٍ لم يعمَّها الماءُ، فتكون عهديَّةً جنسيَّةً.


[1] في (م): «الفضيل»، وهو تحريفٌ.
[2] قوله «أبي»: زيادة من كتب التراجم.
[3] زيد في (م): «وهو».