إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: صليت مع النبي سجدتين قبل الظهر

          1172- 1173- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مُسَرْهَدٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) القطَّان (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) بضمِّ العين مصغَّرًا، ابن عمر بن حفص بن عمر بن الخطَّاب (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد، ولغير أبوي ذَرٍّ والوقت: ”أخبرنا“ (نَافِعٌ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب ( ☻ ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ) صلاة (الظُّهْرِ) لا يعارضه / قوله في حديث عائشة الآتي في «باب الرَّكعتان(1) قبل الظُّهر» [خ¦1182]: «كان لا يدع أربعًا قبل الظُّهر» لأنَّه كان تارةً يصلِّي أربعًا وتارةً ركعتين، أو كان يصلِّي اثنتين في بيته، واثنتين في المسجد، أو غير ذلك ممَّا سيأتي إن شاء الله تعالى (وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ) صلاة (الظُّهْرِ) وقيل: من الرَّواتب أربعٌ بعد الظُّهر؛ لحديث التِّرمذيِّ وصحَّحه: «مَن حافظ على أربعِ ركعاتٍ قبل الظُّهر، وأربعٍ بعدها، حرَّمه الله على النَّار» (وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ) صلاة (المَغْرِبِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ) صلاة (العِشَاءِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ) صلاة (الجُمُعَةِ) هذا(2) الَّذي أخذ به في «الرَّوضة»، وبحديث مسلم: «إذا صلَّى أحدكم الجمعة فليصلِّ بعدها أربعًا» كما(3) في «المنهاج»، والمراد بالسَّجدتين في كلِّها: ركعتان، وبـ «مع» التَّبعيَّة في الاشتراك في فعلها، لا أنَّه اقتدى به فيها (فَأَمَّا المَغْرِبُ وَالعِشَاءُ) أي: سنَّتاهما (فَفِي بَيْتِهِ) المقدَّس كان يصلِّيهما، قيل(4): لأنَّ فعل النَّافلة(5) اللَّيليَّة في البيوت أفضل من المسجد، بخلاف النَّهاريَّة، وأُجِيبَ بأنَّ الظَّاهر أنَّه ╕ إنَّما فعل ذلك لتشاغله بالنَّاس(6) في النَّهار غالبًا، وباللَّيل يكون في بيته. انتهى. وحديث «الصَّحيحين» [خ¦731]: «صلُّوا أيُّها النَّاس في بيوتكم، إنَّ أفضل الصَّلاة صلاة المرء في بيته إلَّا المكتوبة» يدلُّ لأفضليَّة النَّوافل في البيت مطلقًا(7). نعم تفضل نَوافل في المسجد، منها راتبة الجمعة، ونوافل يومها؛ لفضل التَّبكير والتَّأخير لطلب السَّاعة، نصَّ على نحوه في «الأمِّ» وذكره غيره، وقَسيم «أمَّا» التَّفصيليَّة في قوله: «فأمَّا المغرب والعشاء» محذوفٌ، يدلُّ عليه السِّياق، أي: وأمَّا(8) سنن المكتوبات الباقية ففي المسجد، لا يقال: إنَّ بين قوله في حديث ابن عمر السَّابق في «باب الصَّلاة بعد الجمعة» [خ¦937] «أنَّه ╕ كان لا يصلِّي بعد الجمعة حتَّى(9) ينصرف» وبين ما ههنا تنافيًا(10)؛ لأنَّ الانصراف أعمُّ من الانصراف إلى البيت، ولَئن سلَّمنا؛ فالاختلاف إنَّما كان لبيان جواز الأمرين. قال عبد الله بن عمر بن الخطَّاب: (وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ) زوج النَّبيِّ صلعم : (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ركعتين“ (خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الفَجْرُ) قال ابن عمر: (وَكَانَتْ) أي: السَّاعة الَّتي بعد طلوع الفجر (سَاعَةً لَا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلعم فِيهَا)‼ لأنَّه لم يكن يشتغل فيها بالخلق، وهذا يدلُّ على أنَّه إنَّما أخذ عن حفصة وقت إيقاع الرَّكعتين اللَّتين قبل الصُّبح، لا أصل مشروعيَّتهما، وقد تقدَّم في أواخر «الجمعة» [خ¦618] من رواية مالكٍ عن نافعٍ، وليس فيه ذكر الرَّكعتين اللَّتين قبل الصُّبح أصلًا، قاله ابن حجرٍ (وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ) بكسر الزَّاي وتخفيف النُّون، عبد الرَّحمن بن أبي الزِّناد، اسمه: عبد الله بن ذكوان (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ) بضمِّ العين وسكون القاف (عَنْ نَافِعٍ) أي: عن ابن عمر أنَّه قال: (بَعْدَ العِشَاءِ فِي أَهْلِهِ) بدل قوله في الحديث: في «بيته».
          (تَابَعَهُ) أي: تابع عُبيد الله المذكور (كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ) بفتح الفاء والقاف، بينهما راءٌ ساكنةٌ (وَ) تابعه أيضًا (أَيُّوبُ) السَّختيانيُّ (عَنْ نَافِعٍ) كذا عند أبي ذَرٍّ والأَصيليِّ بتقديم ”قال ابن أبي الزِّناد“ على قوله: «تابعه»، ولغيره تأخيره، ووقع في بعض النُّسخ بعد قوله: ”أمَّا المغرب والعشاء ففي بيته: قال ابن أبي الزِّناد...“ إلى آخره، وبعده قوله: ”تابعه كثيرُ...“ إلى آخره.


[1] في غير (م): «الركعتين».
[2] زيد في (د): «هو».
[3] «كما»: ليس في (د) و(ص) و(م).
[4] في (د): «قبل»، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب) و(س): «النَّوافل».
[6] في (م): «بالمعاش».
[7] زيد في (د): «لفضل صلاة الفريضة».
[8] في (د): «وما»، وهو تحريفٌ.
[9] في (م): «حين»، وهو تحريفٌ.
[10] في النسخ: «تناف»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.