إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل

          1121- 1122- وبالسَّند السَّابق(1) إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المسنديُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هو ابن يوسف الصَّنعانيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ. (ح) لتحويل السَّند، وليست في «اليونينيَّة»(2): (وَحَدَّثَنِي) بالإفراد (مَحْمُودٌ) هو ابن غَيلان المروزيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن همَّام (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) المذكور (عَنِ) ابن شهابٍ (الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ) عبد الله بن عمر ☻ (قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلعم إِذَا رَأَى رُؤْيَا) كفُعْلَى؛ بالضَّمِّ من غير تنوينٍ، أي: في النَّوم (قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”أنِّي أرى“ (رُؤْيَا) زاد في «التَّعبير(3)» من وجهٍ آخَرَ [خ¦7028]: فقلت في نفسي: لو كان فيك خيرٌ؛ لرأيت مثل ما يرى هؤلاء (فَأَقُصَّهَا) بالنَّصب وفاءٍ قبل الهمزة، أي: أُخْبِر(4) بها، ولأبي الوقت في نسخةٍ والأَصيليِّ وابن عساكر: ”أقُصَّها“ (عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ / فِي المَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذَرٍّ: ”النَّبيِّ“ ( صلعم ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي، فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ؛ فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ) أي: مَبْنِيَّة الجوانب (كَطَيِّ البِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ) بفتح القاف، أي: جانبان (وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ) بضمِّ الهمزة (قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ) بضمِّ المثنَّاة الفوقيَّة وفتح الرَّاء وجزم المهملة، أي: لم تُخَف، والمعنى: لا خوف عليك بعد هذا، وللكُشْمِيْهَنِيِّ في «التَّعبير» [خ¦7028] ”لن تُراعَ“ بإثبات الألف، وللقابسيِّ: ”لن تُرَعْ“ بحذف الألف، واستُشكِل من جهة أنَّ «لن» حرف نصبٍ، ولم تَنصب هنا، وأجيب بأنَّه مجزوم بـ «لن» على اللُّغة القليلة المحكيَّة عن الكسائيِّ، أو سُكِّنت العين للوقف، ثم شُبِّه بسكون المجزوم، فحذف الألف قبله، ثمَّ أُجري الوصل مُجرى الوقف، قاله ابن مالك، وتعقَّبه في «المصابيح» فقال: لا نُسلِّم أنَّ فيه إجراء الوصل مجرى الوقف؛ إذ لم يصله المَلَكُ بشيءٍ بعده، ثمَّ قال: فإن قلت: إنَّما وجَّه ابن مالكٍ بهذا في الرِّواية الَّتي فيها: «لم تُرَعْ» وهذا يتحقَّق فيه ما قاله من إجراء الوصل مُجرى الوقف، وأجاب عنه فقال: لا نُسلِّم؛ إذ يحتمل أنَّ المَلَكَ نطق بكلِّ جملةٍ منها منفردةً عن الأخرى، ووقف(5) على آخرها؛ فحكاه كما وقع. انتهى. (فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ(6) عَبْدُ اللهِ) وفي «التَّعبير» [خ¦7029] من رواية نافعٍ عن ابن عمر: «إنَّ عبد الله‼ رجلٌ صالحٌ» (لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ) «لو» للتَّمنِّي لا للشَّرط؛ ولذا لم يذكر الجواب، قال سالمٌ: (فَكَانَ) بالفاء، أي: عبد الله، ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”وكان“ (بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا) فإن قلت: من أين أخذ ╕ التَّفسير بقيام اللَّيل من هذه الرُّؤيا؟ أجاب المهلَّب بأنَّه إنَّما فسَّر ╕ هذه الرُّؤيا بقيام اللَّيل؛ لأنَّه لم يَرَ شيئًا يغفل عنه من الفرائض فيُذَكِّرَ بالنَّار، وعَلِم مبيته بالمسجد، فعبَّر عن ذلك بأنَّه مُنَبِّهٌ(7) على قيام اللَّيل فيه. وفي الحديث: أنَّ قيام اللَّيل يُنجي من النَّار، وفيه: كراهة كثرة النَّوم باللَّيل، وقد روى سُنَيْد(8) عن يوسف بن محمَّد ابن المنكدر عن أبيه عن جابر مرفوعًا: «قالت أمُّ سليمانٍ لسليمان: يا بنيَّ؛ لا تكثر النَّوم باللَّيل؛ فإنَّ كثرة النَّوم باللَّيل تَدَعُ الرَّجل فقيرًا يوم القيامة»، وكان بعض الكُبراء يقف على المائدة كلَّ ليلةٍ ويقول: معاشر المريدين، لا تأكلوا كثيرًا؛ فتشربوا كثيرًا؛ فترقدوا كثيرًا، فتتحسَّروا(9) عند الموت كثيرًا. وهذا هو الأصل الكبير؛ وهو تخفيف المعدة عن ثقل الطعام.
          وفي هذا الحديث التَّحديث، والإخبار(10)،والعنعنة، والقول، وأخرجه أيضًا في «باب نوم الرِّجال(11) في المسجد» [خ¦440] كما سبق، وفي «باب فضل(12) من تعارَّ من اللَّيل» [خ¦1156] و«مناقب ابن عمر» [خ¦3738]، ومسلمٌ في «فضائل ابن عمر».


[1] «السَّابق»: زيد من (ص) و(م).
[2] «وليست في اليونينيَّة»: ليس في (م).
[3] في (ب): «التَّفسير».
[4] في غير (ص) و(م): «أخبره».
[5] في (ص): «وقع».
[6] «الرجل»: سقط من (د).
[7] في (د): «نبِّه».
[8] في (د): «تقوَّى بسنيد».
[9] في (م): «فتخسروا».
[10] «والإخبار»: مثبتٌ من (ص) و(م).
[11] في غير (د) و(س): «الرَّجل».
[12] «فضل»: ليس في (م).