إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله كان إذا رأى المطر

          1032- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ) بفتح الواو، المجاورُ بمكَّة، وسقطت: الكُنية والنِّسبة عند أبوي ذَرٍّ والوقت وابن عساكر (قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك (قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ) بضمِّ العين، ابن عمر العمريُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) هو ابن أبي بكرٍ الصِّدِّيق (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: اللَّهُمَّ) اسقنا، أو اجعله (صَيِّبًا) بفتح الصَّاد / المهملة وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة، وهو المطر الَّذي يصوب، أي: ينزل ويقع، وفيه مبالغاتٌ من جهة التَّركيب والبناء والتَّكثير، فدلَّ على أنَّه نوعٌ من المطر شديدٌ هائلٌ ولذا تمَّمه بقوله: (نَافِعًا) صيانةً عن الأضرار والفساد، ونحوه قول الشَّاعر:
فسقى ديارَك غيرَ مفسِدِها                     صوبُ الرَّبيع وديمةٌ تَهْمِي
لكنَّ نافعًا في الحديث أوقعُ وأحسنُ وأنفعُ من قوله: غيرَ مفسِدِها، قال في «المصابيح»: وهذا، أي قوله: «صيِّبًا نافعًا» كالخبر الموطِّئ في قولك: زيدٌ رجلٌ فاضلٌ؛ إذ(1) الصِّفة هي المقصودة بالإخبار بها، ولولا هي لم تحصل الفائدة، هذا إِنْ بَنينا على قول ابن عبَّاسٍ: إنَّ الصَّيِّب هو المطر، وإِنْ بنينا(2) على أنَّه: المطرُ الكثير _كما نقله الواحديُّ_ فكلٌّ مِنْ «صيبًّا» و«نافعًا» مقصودٌ، والاقتصار عليه محصِّلٌ(3) للفائدة. انتهى. وللمُستملي: ”اللَّهمَّ صبًّا“ بالموحَّدة المشدَّدة من غير مثنَّاةٍ، من الصَّبِّ، أي: يا الله(4) اصببه صبًّا نافعًا.
          (تَابَعَهُ القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى) بن عطاءٍ المقدميُّ الهلاليُّ الواسطيُّ، المتوفَّى سنةَ سبعٍ وتسعين ومئةٍ (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) العمريِّ المذكور، يعني: بإسناده، قال الحافظ ابن حجرٍ: ولم أقف على هذه الرِّواية موصولةً (وَرَوَاهُ) أي: الحديث المذكور (الأَوْزَاعِيُّ) عبد الرَّحمن بن عمرٍو، وممَّا(5) أخرجه النَّسائيُّ في «عملِ اليوم واللَّيلة» وأحمد لكن بلفظ: «هنيئًا» بدل «نافعًا» (وَ) رواه (عُقَيْلٌ) بضمِّ العين وفتح القاف، ابن خالدٍ فيما ذكره(6) الدَّارقُطنيُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر كذلك، وغاير بين قوله: «تابعه» و«رواه» لإفادة العموم في الثَّاني لأنَّ الرِّواية أعمُّ من أن تكون على سبيل المتابعة أَمْ لا، أو للتَّفنُّن في العبارة.
          والحديث فيه: رازيَّان‼، والثَّلاثة مدنيُّون، وفيه رواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ عن صحابيَّةٍ، والتَّحديث والإخبار والعنعنة والقَول، وأخرجه النَّسائيُّ في «عمل اليوم واللَّيلة»، وابن ماجه في «الدُّعاء».


[1] في (ص): «إذا» والمثبت موافق للمصابيح.
[2] في (د): «بنيناه».
[3] في (د): «محتملٌ».
[4] «يا الله»: ليس في (د) و(ص) و(س).
[5] في (ب) و(د) و(س): «فيما».
[6] في (د): «رواه».