إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت

          934- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) بضمِّ المُوحَّدة (قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين، وهو ابن خالدٍ الأيليُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ‼ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ) الَّذي تخاطبه إذ ذاك، أو جليسك (يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ) جملةٌ حاليَّةٌ مشعرةٌ بأنَّ ابتداء الإنصات من الشُّروع في الخطبة خلافًا لمن قال بخروج الإمام، كما مرَّ، نعم الأحسن الإنصات كما مرَّ(1) (فَقَدْ لَغَوْتَ) / أي: تركت الأدب جمعًا بين الأدلَّة، أو صارت جمعتك ظهرًا لحديث عبد الله بن عمرٍو مرفوعًا: «ومن تخطَّى رقاب النَّاس كانت له ظهرًا» رواه أبو داود وابن خزيمة، ولأحمد من حديث عليٍّ مرفوعًا: «ومن قال: صه، فقد تكلَّم ومن تكلَّم فلا جمعة له» والنَّفي للكمال، وإلَّا فالإجماع على سقوط فرض الوقت عنه، وزاد أحمد من رواية الأعرج عن أبي هريرة في آخر حديث الباب بعد قوله: «فقد(2) لغوت»: «عليك بنفسك»، واستدلَّ به على منع جميع أنواع الكلام حال الخطبة، وبه قال الجمهور، نعم لغير السَّامع عند الشَّافعيَّة أن يشتغل بالتِّلاوة والذِّكر، وكلام المجموع يقتضي أنَّ الاشتغال بهما(3) أَوْلى، وهو ظاهرٌ(4) خلافًا لمن منع كما مرَّ، ولو عرض مُهِمٌّ ناجزٌ كتعليم خيرٍ، ونهيٍ عن مُنكَرٍ، وتحذير إنسان عقربًا، أو أعمى بئرًا لم يمنع من الكلام، بل قد يجب عليه، لكن يُستحَبُّ أن يقتصر على الإشارة إن(5) أغنت، نعم منع المالكيَّة نهي اللَّاغي بالكلام، أو رميه بالحصى، أو الإشارة إليه بما يفهم النَّهي حسمًا للمادَّة، وقد استُثنِي من الإنصات ما إذا انتهى الخطيب إلى كلِّ(6) ما لم يُشرَع في الخطبة كالدُّعاء للسُّلطان مثلًا.
          وبقيَّة مباحث ذلك سبقت قريبًا في «باب الاستماع إلى الخطبة» [خ¦929].


[1] «نعم الأحسن الإنصات كما مرَّ»: سقط من (د).
[2] «فقد»: ليس في (د).
[3] في (م): «بها».
[4] في (ص): «الظَّاهر».
[5] في (م): «إذا».
[6] في (د): «كلام».