إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أصابت الناس سنة على عهد النبي

          933- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ) بن عبد الله بن المنذر الحزاميُّ _بالزَّاي_ الأسديُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا(1) الوَلِيدُ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ ”الوليد بن مسلمٍ“ أي: القرشيُّ الدِّمشقيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو) بفتح العين، عبد الرَّحمن، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”أبو عمرٍو الأوزاعيُّ“ نسبةً إلى الأوزاع، قبائلُ شتَّى، أو بطنٌ من ذي الكلاع من اليمن، أو الأوزاع / قريةٌ بدمشق(2) (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ) الأنصاريُّ المدنيُّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) ☺ (قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ) بفتح السِّين المُهمَلة، أي: شدَّةٌ وجهدٌ من الجُدُوبة (عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ) أي: زمنه، ولابن عساكر: ”على عهد رسول الله“ ( صلعم ، فَبَيْنَا(3) النَّبِيُّ صلعم يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ) من سكَّان البادية، لا يُعرَف اسمه (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَ المَالُ) الحيوانات لفقد ما ترعاه (وَجَاعَ العِيَالُ) لعدم وجود ما يعيشون به من الأقوات المفقودة بحبس المطر (فَادْعُ اللهَ لَنَا) أن يسقينا (فَرَفَعَ) ╕ (يَدَيْهِ _وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً_) بالقاف والزَّاي والعين المُهمَلة المفتوحات، قطعةٌ من سحابٍ، أو رقيقه الَّذي إذا مرَّ تحت السَّحب الكثيرة كان كأنَّه ظلٌّ‼. قال أنسٌ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا) أي: يده، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ما وضعهما“ أي: يديه (حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ) بالمُثلَّثة، أي: هاج وانتشر (أَمْثَالَ الجِبَالِ) لكثرته(4) (ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ) ينحدر، أي: ينزل ويقطر (عَلَى لِحْيَتِهِ) الشَّريفة ( صلعم . فَمُطِرْنَا) بضمِّ الميم وكسر الطَّاء، أي: حصل لنا المطر (يَوْمَنَا) نُصِب على الظَّرفيَّة، أي: في يومنا (ذَلِكَ، وَمِنَ الغَدِ) حرف الجرِّ، إمَّا بمعنى «في»، أو للتَّبعيض (وَبَعْدَ الغَدِ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر: ”ومن بعد الغد“ (وَالَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى الجُمُعَةِ الأُخْرَى) بالجرِّ في الفرع وأصله على أنَّ «حتَّى» جارَّةٌ، ويجوز النَّصب عطفًا على سابقه المنصوب، والرَّفع على أنَّ مدخولَها مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ (وَقَامَ) بالواو، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر: ”فقام“ (ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ _أَوْ قَالَ): قام (غَيْرُهُ_ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ، وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللهَ لَنَا، فَرَفَعَ) ╕ (يديه، فَقَالَ: اللَّهُمَّ) ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر: ”فرفع يديه: اللَّهُمَّ“ (حَوَالَيْنَا) بفتح اللَّام، أي: أَنْزِلْ أو أمطرْ حوالينا (وَلَا) تنزله(5) (عَلَيْنَا) أراد به الأبنية (فَمَا يُشِيرُ) ╕ (بِيَدِهِ) الشَّريفة (إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ) إلَّا انكشفت، أو تدوَّرت كما يدور جيب القميص (وَصَارَتِ المَدِينَةُ مِثْلَ الجَوْبَةِ) بفتح الجيم وسكون الواو وفتح المُوحَّدة، الفرجة المستديرة في السَّحاب، أي: خرجنا والغيم والسَّحاب محيطان بأكناف المدينة (وَسَالَ الوَادِي قَنَاةُ) بقافٍ مفتوحةٍ فنونٍ مُخفَّفةٍ فألفٍ فهاءِ تأنيثٍ، مرفوعٌ على البدل من «الوادي»، غير منصرفٍ للتَّأنيث والعلميَّة؛ إذ هو اسمٌ لوادٍ مُعيَّنٍ من أودية المدينة، أي: جرى فيه المطر (شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالجَوْدِ) بفتح الجيم، أي: بالمطر الغزير.
          ورواة الحديث ما بين مدنيٍّ ودمشقيٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة والقول، وشيخه من أفراده، وأخرجه أيضًا في «الاستسقاء» [خ¦1033] و«الاستئذان» [خ¦6093]، ومسلمٌ والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».


[1] زيد في (ب) و(س): «أبو»، وهو خطأٌ.
[2] في (د): «من دمشق».
[3] في (ب) و(س): «فبينما»، والمُثبَت من(ص) و(م)، وهو موافقٌ لـ «ليونينيَّة».
[4] في (ب) و(س): «من كثرته».
[5] في (ص): «تُنْزِل».