إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عباس لمؤذنه في يوم مطر: إذا قلت

          901- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) ابن عُلَيَّة (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَبْدُ الحَمِيدِ) بن دينارٍ (صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ) قال الدِّمياطيُّ: ليس ابن عمِّه، وإنَّما كان زوج بنت سيرين، فهو صهره، قال في «الفتح»: لا مانع أن يكون بينهما أخوَّةٌ من الرَّضاع ونحوه، فلا ينبغي تغليط الرِّواية الصَّحيحة مع وجود الاحتمال المقبول.
           (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) بل (قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ) بدل الحَيْعَلة، مع إتمام الأذان (فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا) قوله: «فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صلُّوا في بيوتكم» (قَالَ) ابن عبَّاسٍ، ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر: ”فقال“: (فَعَلَهُ) أي: الَّذي قلته للمؤذِّن (مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي) رسولُ الله صلعم (إِنَّ الجُمُعَةَ عَزْمَةٌ) بفتح العين وسكون الزَّاي، أي: واجبةٌ، فلو تركتُ المؤذِّن يقول: حيَّ على الصَّلاة لبادر مَنْ سمعه إلى المجيء في المطر، فيشقُّ عليه، فأمرته أن يقول: «صلُّوا في بيوتكم» ليعلموا أنَّ المطر من الأعذار الَّتي تصيِّر العزيمة(1) رخصةً، وهذا مذهب الجمهور، لكن عند الشَّافعيَّة والحنابلة مُقَيَّد بما يؤذي ببلِّ الثَّوب، فإن كان خفيفًا أو وجد كَنًّا يمشي فيه فلا عذر، وعن مالكٍ ☼ : لا يُرخَّص في تركها بالمطر، والحديث حجَّةٌ عليه (وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ) بضمِّ الهمزة وسكون الحاء المُهمَلة من الحرج، ويؤيِّده الرِّواية السَّابقة [خ¦668]: «أُؤَثَّمَكم» أي: أن(2) أكون سببًا في إكسابكم الإثم عند حرج صدوركم، فربَّما يقع تسخُّطٌ أو كلامٌ غير مرضيٍّ، وفي بعض النُّسخ: ”أخرجكم“ بالخاء المُعجَمة من الخروج (فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ) بفتح الدَّال المُهمَلة وسكون الحاء المُهمَلة، وقد تُفتَح، آخرهُ مُعجَمةٌ، أي: الزَّلَق.
          وسبق الحديث بمباحثه في «الأذان» [خ¦616].


[1] في (ص): «العزمة».
[2] «أن»: ليس في (م).