إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة

          635- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَيْنٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) بفتح الشِّين المعجمة وسكون المُثنَّاة التَّحتيَّة بعدها مُوحَّدةٌ، ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ (عَنْ يَحْيَى) بن أبي كثيرٍ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ) أبي قتادة الحارث بن ربعيٍّ الأنصاريِّ ☻ (قَالَ: بَيْنَمَا) بالميم (نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ) وفي روايةٍ: ”مع رسول الله“ ( صلعم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ الرِّجَالٍ) بفتح الجيم وتالييها، أي: أصواتهم حال حركاتهم، وسمَّى منهم الطَّبرانيُّ في روايته(1): أبا بكرة، ولكريمة والأَصيليِّ: ”جلبة رجالٍ“ (فَلَمَّا صَلَّى) ╕ (قَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟) بالهمزة، أي: ما حالكم حيث وقع منكم الجلبة؟ (قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ) ╕ : (فَلَا) ولأبي ذَرٍّ: ”لا“ (تَفْعَلُوا) أي: لا تستعجلوا، وعبَّر بلفظ «تفعلوا»؛ مبالغةً في النَّهي عنه (إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ) جمعةً أو غيرها (فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ) بباء(2) الجرِّ، واستشكل‼ دخولها البرماويُّ _كالزَّركشيِّ وغيره_ لأنَّه يتعدَّى بنفسه، قال تعالى: { عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ }[المائدة:105] وأُجيب بأنَّ أسماء الأفعال وإن كان حكمها في التَّعدِّي واللُّزوم حكم الأفعال الَّتي هي بمعناها إِلَّا أنَّ(3) الباء تُزاد في مفعولها كثيرًا نحو: «عليك به» لضعفها في العمل، فتتعدَّى بحرفٍ عادته إيصال اللَّازم إلى المفعول، قاله الرَّضيُّ وغيره فيما نقله البدر الدَّمامينيُّ، وفي / الحديث الصَّحيح: «عليكم برخصة الله»، «فعليه بالصَّوم» [خ¦1905]، و«عليكم بقيام اللَّيل»، وفي رواية ابن عساكر والأَصيليِّ: ”فعليكم السَّكينةَ“ بالنَّصب(4) بـ «عليكم» على الإغراء، وجُوِّز(5) الرَّفع على الابتداء، والخبر سابقه، والمعنى: عليكم بالتَّأنِّي والهينة فإذا فعلتم ذلك (فَمَا أَدْرَكْتُمْ) مع الإمام من الصَّلاة (فَصَلُّوا) معه (وَمَا فَاتَكُمْ) منها (فَأَتِمُّوا) أي: أكملوا وحدكم، وبقيَّة المباحث تأتي في التَّالي إن شاء الله تعالى.
          ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفيٍّ وبصريٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في الباب اللَّاحق [خ¦636]، ومسلمٌ في «الصَّلاة».


[1] في (م): «رواية».
[2] في (د): «بياء»، وهو تصحيفٌ.
[3] في (ص): «لأنَّ».
[4] في (ص) و(م): «فالنَّصب».
[5] في (د): «وجواز».