إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولًا

          7353- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مُسَرْهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز أنَّه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباح (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ) بضمِّ العين فيهما، اللَّيثيِّ المكِّيِّ أنَّه (قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى) عبد الله بن قيسٍ الأشعريُّ (عَلَى عُمَرَ) بن الخطَّاب ☺ ، أي: ثلاثًا (فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولًا، فَرَجَعَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ‼ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ؟) يريد أبا موسى (ائْذَنُوا لَهُ) في الدُّخول (فَدُعِيَ لَهُ) بضمِّ الدَّال وكسر العين فحضر عنده (فَقَالَ) له: (مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ) من الرُّجوع؟ (فَقَالَ) أبو موسى: (إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ) _بضمِّ النُّون وفتح الميم_ من قِبَلِ النَّبيِّ صلعم (بِهَذَا) أي: بالرُّجوع إذا استأذنَّا ثلاثًا ولم يؤذَن لنا (قَالَ) عمر: (فَأْتِنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ) على ما ذكرته (أَوْ لأَفْعَلَنَّ بِكَ، فَانْطَلَقَ) أبو موسى (إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ) فسألهم عن ذلك (فَقَالُوا) أي: أبيٌّ والأنصار(1): (لَا يَشْهَدُ إِلَّا أَصَاغِرُنَا) بألفٍ بعد الصاد، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”(2)إلَّا(3) أصْغَرُنا“ (فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ) ☺ _وكان أصغر القوم_ معه (فَقَالَ) لعمر: (قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا) أي: نرجع إذا استأذنَّا ولم يؤذَن لنا (فَقَالَ عُمَرُ: خَفِي عَلَيَّ) بتشديد التَّحتيَّة (هَذَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلعم ، أَلْهَانِي) شَغَلني (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ) وهو ضرب اليد على اليد عند البيع، وليس قول عمر ذلك ردًَّا لخبر الواحد بل احتياطًا، وإلَّا فقد قَبِل عمر حديث عبد الرَّحمن بن عوفٍ في أخذ الجِزية من المجوس، وحديثَه في الطَّاعون، وحديثَ عمرو بن حزمٍ في التَّسوية بين الأصابع في الدِّيَة.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة من جهة أنَّ عمر لمَّا خفيَ عليه أمرُ الاستئذان رجع إلى قول أبي موسى، فدلَّ على أنَّه يعملُ بخبر الواحد، وأنَّ بعض السُّنن كان يخفى على بعض الصَّحابة، وأنَّ الشاهد يبلِّغ الغائب ما شهده، وأنَّ الغائب يقبله ممَّن حدَّثه به ويعتمده ويعمل به، لا يقال: طلب عمر البيِّنة يدلُّ على أنَّه لا يحتجُّ بخبر الواحد؛ لأنَّه مع انضمام أبي سعيدٍ إليه لا يصير متواترًا كما لا يخفى.
          والحديث سبق في «الاستئذان» في «باب التسليم والاستئذان» [خ¦6245].


[1] في (د): «أي: الأنصار».
[2] زيد في (ب) و(س): «لا يشهد لك».
[3] «إلَّا»: ليس في (د).