إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة

          7346- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ) السِّمسار المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) بفتح الميمين بينهما / عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم بن شهابٍ (عَنْ سَالِمٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☻ : (أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ) حال كونه (رَفَعَ) ولأبي ذرٍّ: ”ورفع“ (رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ) قال في «الكواكب»: فإن قلت: أين مقول «يقول»؟ وأجاب بأنَّه جعله كالفعل اللَّازم، أي: يفعل القول ويحقِّقه، أو هو‼ محذوفٌ. انتهى. وأجاب في «الفتح»: باحتمال أن يكون بمعنى: قائلًا، ولفظ «قال» المذكور زائدٌ، ويؤيِّده أنَّه وقع في «تفسير سورة آل عمران» [خ¦4559] من رواية حبَّان ابن موسى بلفظ: «أنَّه سمع رسول الله صلعم من الرُّكوع في الرَّكعة الأخيرة من صلاة الفجر يقول: اللَّهم...» وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّه احتمالٌ لا يمنع السُّؤال؛ لأنَّه وإن كان حالًا فلا بدَّ له من مقولٍ، ودعواه زيادةُ(1) «قال» غير صحيحةٍ؛ لأنَّه واقع في محلِّه.
          (اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) بإثبات الواو (فِي) الرَّكعة (الأَخِيرَةِ) ولأبي ذرٍّ: ”الآخِرة“ بإسقاط التَّحتيَّة، وقوله في «الكواكب» وتبعه(2) في «اللَّامع»: «فإن قلت: ما وجه التَّخصيص بالآخرة وله الحمد في الدُّنيا أيضًا؟ قلتُ: نعيم الآخرة أشرفُ، فالحمد عليه هو الحمد حقيقةً، أو المراد بالآخرة: العاقبة، أي: مآل كلِّ الحُمود إليك» تعقَّبه في «الفتح»: بأنَّه ظنَّ أنَّ قوله: «في الآخرة» متعلِّقٌ بالجملة، وأنَّه بقيَّة الذِّكر الَّذي قاله النَّبيُّ(3) صلعم في الاعتدال(4)، وليس هو من كلامه صلعم بل هو من كلام ابن عمر ☻ ، قال: ثمَّ(5) يُنظَر في جمعه «الحمد» على «حمودٍ» (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ العَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا(6)) بالتَّكرار مرَّتين، يريد صفوان بن أميَّة وسُهَيل(7)بن عمرٍو(8) والحارث بن هشامٍ، وقول الكِرمانيِّ: «فلانًا وفلانًا يعني: رِعْلًا وذكوان» وَهمٌ منه، وإنَّما المراد ناسٌ بأعيانهم كما ذكر لا القبائل (فَأَنْزَلَ اللهُ ╡: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}) أي: إنَّ الله مالك أمرهم، فإمَّا أن يُهلكهم، أو يهزمهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا ({أَوْ يُعَذَّبَهُمْ}) إن أصرُّوا على الكفر، ليس لك من أمرهم شيءٌ، إنَّما أنت عبدٌ مبعوثٌ لإنذارهم ومجاهدتهم، وعن الفرَّاء {أَوْ} بمعنى «حتَّى»، وعن ابن عيسى «إلَّا أن» كقولك: لألزَمَنَّك أو تُعطيني(9) حقِّي، أي: ليس لك من أمرهم شيءٌ إلَّا أن يتوبَ عليهم فتفرح بحالهم، أو يُعذِّبهم فتتشفَّى منهم(10)، وقيل: أراد(11) أن يدعو عليهم، فنهاه الله تعالى؛ لعلمه أنَّ فيهم من يؤمن ({فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران:128]) مُستحقُّون للتَّعذيب.
          قال ابن بطَّالٍ: دخول هذه التَّرجمة في «كتاب الاعتصام» من جهة دُعائه صلعم على المذكورين؛ لكونهم لم يُذعِنوا للإيمان ليعتصموا به من اللَّعنة، والحديث سبق في تفسير «سورة آل عمران» [خ¦4559] ومطابقته لِمَا ترُجم له هنا واضحةٌ.


[1] في (ص) و(ل): «بزيادة».
[2] في (ص): «وتعقَّبه»، وهو تحريفٌ.
[3] «النَّبيُّ»: مثبتٌ من (د) و(ع).
[4] في (ع): «الإعلام».
[5] زيد في (د): «قال».
[6] زيد في (د): «وفلانًا».
[7] في (د): «وسهل»، وهو تحريفٌ.
[8] في النُّسخ: «عمير»، وهو تحريفٌ.
[9] في (د): «تقضيني».
[10] في غير (د) و(ص): «فيهم».
[11] في (ب): «المراد».