إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره

          7199- 7200- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) إمام الأئمَّة، ودار الهجرة، ابن أنسٍ الأصبحيُّ (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاريِّ أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد(1) (عُبَادَةُ بْنُ الوَلِيدِ) بضمِّ العين وتخفيف الموحَّدة قَالَ: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد أيضًا (أَبِي) الوليد (عَنْ) أبيه (عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) ☺ أنَّه (قَالَ: بَايَعْنَا) بفتح التَّحتيَّة وسكون العين: عاهدنا (رَسُولَ اللهِ صلعم ) ليلة العقبة بمنًى (عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ) له (فِي المَنْشَطِ) بفتح الميم والشِّين المعجمة بينهما نونٌ ساكنةٌ، آخره طاءٌ مهملةٌ، مصدرٌ ميميٌ؛ من النَّشاط (وَالمَكْرَهِ) بفتح الميم والرَّاء بينهما كافٌ ساكنةٌ، مصدرٌ ميميٌّ أيضًا، أي: في حال نشاطنا وحال عجزنا عن العمل بما نُؤمَر به، قال السَّفاقسيُّ: الظَّاهر أنَّ المراد في وقت الكسل والمشقَّة في الخروج؛ ليطابق قوله: «في المنشط»، ويؤيِّده ما عند أحمد من رواية إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن عبادة: في النَّشاط والكسل، وقال في «شرح المشكاة»: أي: عاهدناه بالتزام السَّمع والطَّاعة في حالتَي الشِّدَّة والرَّخاء، وتارَتي / الضَّرَّاء والسَّرَّاء؛ وإنَّما عبَّر عنه بصيغة «المُفَاعَلة» للمبالغة والإيذان بأنَّه التزم لهم أيضًا بالأجر والثَّواب والشَّفاعة يوم الحساب على القيام بما التزموا.
          (وَأَلَّا نُنَازِعَ الأَمْرَ) أي: أمر الملك والولاية (أَهْلَهُ) فلا نقاتلهم (وَأَنْ نَقُومَ _أَوْ نَقُولَ_ بِالحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا) والشَّكُّ هل هي بالميم أو اللَّام من الرَّاوي (لَا نَخَافُ فِي) نصرة دين (اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ) من النَّاس، و«اللَّومة»: المرَّة من اللَّوم، قال في «الكشَّاف»: وفيها وفي التَّنكير مبالغتان، كأنَّه قال: لا نخاف شيئًا قطُّ من لوم أحدٍ من اللُّوَّام، و«لومة» مصدرٌ مضافٌ لفاعله في المعنى، وفيه وجوب السَّمع والطَّاعة للحاكم، سواءٌ حكم بما يوافق الطَّبع أو يخالفه، وعُدِّيَ «بايعنا» بـ «على»؛ لتضمُّنه معنى «عاهد»(2)، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر في كلِّ زمانٍ ومكانٍ‼، الكبار والصِّغار، ولا نداهن فيه أحدًا ولا نخافه، ولا نلتفت إلى الأئمَّة ونحوهم، قاله النَّوويُّ.
          والحديث أخرجه مسلمٌ في «المغازي».


[1] زيد في (د): «أيضًا»، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[2] في (ع): «عاهدوا».