إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه

          7187- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى(1) بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أبو سلَمَة التَّبوذكيُّ الحافظ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ) القَسْمَليُّ‼ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ) المدنيُّ مولى ابن عمر (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ☻ يَقُولُ) ولأبي ذرٍّ: ”قال“: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم بَعْثًا) أي: جيشًا إلى أبنى لغزو الرُّوم مكان قتل زيد بن حارثة، وكان في ذلك البعث رؤوس المهاجرين والأنصار؛ منهم العُمرَان (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ) أي: ابن حارثة، وكان ذلك في بدء مرضه صلعم الذي تُوفِّي فيه (فَطُعِنَ) بضمِّ الطَّاء المهملة (فِي إِمَارَتِهِ) بكسر الهمزة، وقالوا: يستعمل صلعم هذا الغلام على المهاجرين والأنصار (وَقَالَ) صلعم لمَّا بلغه ذلك، ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ «بالفاء» بدل: «الواو»، (إِنْ تَطْعُـَنُوا) بضمِّ العين في الفرع، وزاد في «اليونينيَّة» فتحها، قال الزَّركشيُّ: رجَّح بعضهم هنا ضمَّ العين (فِي إِمَارَتِهِ) أي: في إمارة أسامة (فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُـَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ) زيدٍ (مِنْ قَبْلِهِ) واستُشكل بأنَّ النُّحاة قالوا: الشَّرط سببٌ للجزاء متقدِّمٌ عليه، وههنا ليس كذلك، وأجاب في «الكواكب» بأنَّ مثله يُؤوَّل بالإخبار عندهم(2)، أي: إن طعنتم فيه؛ فأُخبركم بأنَّكم طعنتم من قبلُ في أبيه، وبلازمِه عند البيانيِّين(3)، أي: إن طعنتم فيه؛ تأثَّمتم بذلك؛ لأنَّه لم يكن(4) حقًّا (وَايْمُ اللهِ) بهمزة وصلٍ (إِنْ كَانَ) زيدٌ (لَخَلِيقًا) بالخاء المعجمة والقاف: لجديرًا ومستحقًّا (لِلإِمْرَةِ) بكسر الهمزة وسكون الميم ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”للإمَارة“ بفتح الميم، وألفٍ بعدها، فلم يكن لطعنكم مُستنَدٌ؛ فكذا(5) لا اعتبار بطعنكم في إمارة ولده (وَإِنْ كَانَ) زيدٌ (لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ) بتشديد التَّحتيَّة (وَإِنَّ) ابنه أسامة (هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ) واستُشكِل كون عمر بن الخطَّاب عَزَل سعدًا حين قذفه أهل الكوفة بما هو منه بريءٌ، ولم يعزل صلعم أسامة وأباه، بل بيَّن فضلهما(6)، وأجيب بأنَّ عمر لم يعلم من مُغيَّب سعدٍ ما علمه صلعم من زيدٍ وأسامة؛ فكان سبب عزله قيام الاحتمال، أو رأى عمر أنَّ عزل سعدٍ أسهل من فتنةٍ يُثيرها من قام عليه من أهل الكوفة.
          والحديث سبق في «باب بعث النَّبيِّ صلعم أسامة بن زيدٍ» أواخر «المغازي» [خ¦4469].


[1] في (د): «مسلم»، وليس بصحيحٍ.
[2] في (د): «عنهم».
[3] في (ص): «البيانيَّة».
[4] زيد في (د): «ذلك».
[5] في (ص): «فلذا».
[6] في (د): «بل نبَّه بفضلهما»، وفي نسخةٍ بالهامش كالمثبت.