إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما من وال يلي رعية من المسلمين

          7151- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) الكوسَج أبو يعقوب المروزيُّ قال(1): (أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ) بضمِّ الحاء المهملة، ابن عليٍّ (الجُعْفِيُّ) قال(2): (قَالَ زَائِدَةُ) بن قُدامة: (ذَكَرَهُ) أي: الحديث الآتي (عَنْ هِشَامٍ) أي: ابن حسَّان (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ أنَّه (قَالَ: أَتَيْنَا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ نَعُودُهُ) أي: في مرضه الذي مات فيه (فَدَخَلَ عُبَيْدُ اللهِ) بن زيادٍ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فدخل علينا عُبيد الله“ (فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: أُحَدِّثُكَ) بضمِّ الهمزة ورفع المثلَّثة (حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَقَالَ(3): مَا مِنْ وَالٍ) وفي رواية أبي المَلِيح عند «مسلمٍ»: «ما من أميرٍ» (يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ) الفاء فيه وفي «فلم يحطها» في الحديث السَّابق [خ¦7150] كاللَّام في قوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}[القصص:8] قاله الطِّيبيُّ، قال في «المدارك»: أي: ليصير الأمر إلى ذلك، لا أنَّهم أخذوه لهذا؛ كقولهم: للموت ما تلد الوالدة، وهي لم تلده لأن يموت ولدُها، ولكنَّ المصير إلى ذلك؛ كذا(4) قاله الزَّجَّاج، وعن هذا قال المفسِّرون: إنَّ هذه لام العاقبة والصَّيرورة، وقال في «الكشَّاف»: هي لام «كي» التي معناها التَّعليل؛ كقوله: جئتك لتكرمني، ولكنَّ معنى التَّعليل فيها واردٌ على طريق المجاز؛ لأنَّ ذلك لمَّا كان نتيجة التقاطهم(5) له شُبِّه بالدَّاعي الذي يفعل الفاعلُ الفعلَ لأجله؛ وهو الإكرام الذي ينتجه(6) المجيء، وقوله: (وَهْوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ) بفتح الغين المعجمة وبعد الألف‼ شينٌ معجمةٌ، حالٌ مقيِّدٌ للفعل مقصودٌ بالذِّكر؛ يعني(7): أنَّ الله تعالى إنَّما ولَّاه واسترعاه على عباده ليديم النَّصيحة لهم، لا ليغشَّهم(8) فيموت عليه، فلمَّا قلب القضية؛ استحقَّ ألَّا يجد رائحة الجنَّة، وقال القاضي عياضٌ: المعنى: من قلَّده الله تعالى شيئًا من أمر المسلمين، واسترعاه عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم؛ فإذا خان فيما اؤتُمِن عليه، فلم ينصح؛ فقد غشَّهم؛ حرَّم الله عليه الجنَّة. انتهى. وهذا وعيدٌ شديدٌ على أئمَّة الجَور، فمن ضيَّع مَنِ استرعاه الله؛ توجَّه إليه(9) الطَّلب بمظالم العباد يوم القيامة، وكيف يقدر على التَّحلُّل؟ نعم؛ يجوز أن يتفضَّل الله تعالى عليه، فيُرضي عنه أخصامه، فهو الجواد الكريم، الرؤوف الرَّحيم.


[1] «قال»: ليس في (ص) و(ع).
[2] «قال»: ليس في (د).
[3] في (د): «قال».
[4] «كذا»: ليس في (د).
[5] في (ع): «التعاظم».
[6] في (د): «هو نتيجة».
[7] في (د): «بمعنى».
[8] في (د) و(ع): «لنفسه».
[9] في (ب) و(س): «عليه».